احتجاجات كاتالونيا تضع رئيس الوزراء الإسباني تحت الضغط

يواجه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز انتقادات لاذعة لكيفية تعامله مع الاحتجاجات العنيفة للانفصاليين الكاتالونيين حتى بعد عودة الهدوء الى الاقليم، وذلك قبل الانتخابات العامة المقررة الشهر المقبل.
ونظّم حزب "سيودادانوس" أو "مواطنون"، الذي تشكّل احتجاجا على النزعة الانفصالية في كاتالونيا، تجمعا أمام مقر الحكومة الإقليمية في برشلونة تحت شعار "هذا يكفيّ. العدالة والتعايش".
وقال زعيم الحزب ألبرتو ريفيرا قبل بدء التجمع "رأينا بما يكفي كيف يجول المتطرفون بحرية ويخيفون ملايين الإسبان على أرضهم. الشوارع ملك للجميع".
ودعا سانشيز إلى تعليق استقلال كاتالونيا مثلما فعلت الحكومة المركزية في عام 2017 بعد أن أعلن البرلمان الكاتالوني الاستقلال في أعقاب استفتاء محظور على انفصال الإقليم عن إسبانيا.
وخيّمت الاحتجاجات على شوارع برشلونة وغيرها من المدن الكاتالونية منذ إصدار المحكمة العليا الاثنين أحكاما مشددة بالسجن بحق تسعة قادة، العديد منهم وزراء سابقون في الحكومة الإقليمية، تصل للسجن 13 عاما لإدانتهم بالعصيان في مسعاهم للاستقلال.
وأصيب نحو 600 شخص في صدامات مع الشرطة منذ بدء الاحتجاجات، بينهم ضابط شرطة في "حالة خطيرة للغاية" ومتظاهر "في حالة حرجة" وفقًا لرئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو.
وفي مقابلة نشرت في جريدة "ال بايس"اليومية الأكثر مبيعا، اتهم زعيم الحزب الشعبي المحافظ المعارض بابلو كاسادو الحكومة "بالتظاهر بعدم حدوث أي شيء"، ووعد بأن كل شيء سيعود إلى طبيعته "بالاعتدال".
وقال كاسادو في اشارة الى رئيس إقليم كاتالونيا الانفصالي كيم تورا الذي دعا السبت الى مفاوضات "غير مشروطة" مع سانشيز، "لا يمكن أن يكون هناك حوار مع من يجعلون كاتالونيا تحترق".
ويبدو أن مناورة تورا تهدف إلى ضمان مناقشة إجراء استفتاء قانوني حول الاستقلال، وهو أمر غير مطروح بالنسبة الى مدريد.
ورفض سانشيز، الذي وصل إلى السلطة في حزيران/يونيو 2018 بدعم من الأحزاب الانفصالية الكاتالونية ، لقاء تورا مشترطا ان يدين الأخير "بوضوح" أعمال العنف التي وقعت هذا الأسبوع ويعترف بأن نحو نصف سكان كاتالونيا البالغ عددهم نحو 7,5 ملايين نسمة لا يريدون الاستقلال.
وأظهر استطلاع للرأي نشره معهد كاتالوني عام في تموز/يوليو ان دعم استقلال كاتالونيا عند أدنى مستوى في عامين، اذ عارضه 48,3 بالمئة من المشاركين في مقابل تأييد 44 بالمئة.
دفع قرار المحكمة النزاع الكاتالوني إلى قلب النقاش السياسي قبل الانتخابات العامة التي ستجري في إسبانيا في 10 تشرين الثاني/نوفمبر.
ووفقًا لاستطلاع الرأي الأول منذ صدور الحكم الاثنين، من المرجح أن يحصل الحزب الاشتراكي الحاكم على أكبر قدر من الأصوات لكنّ بدون تحقيق الغالبية مجددا. ويعتقد أن الحزب الشعبي المحافظ سيحقق مكاسب كبيرة.
وتوقع الاستطلاع الذي نشرته صحيفة ال موندو اليومية أن يحصل الاشتراكيون بقيادة سانشيز على 122 مقعدا في البرلمان المؤلّف من 350 مقعدا، بتراجع طفيف عن الـ 123 مقعدا التي حصلوا عليها في الانتخابات الأخيرة في نيسان/أبريل، بينما يتوقع أن يحصل حزب الشعب على 98 مقعدًا مقابل 66 مقعدا يشغلها حاليا.
وكتب أستاذ العلوم السياسية بجامعة كارلوس الثالث بمدريد بابلو سايمون في مقال السبت إن "النظام والأرض لم يكونا أبدا رهانا رابحا بالنسبة للاشتراكيين"، مضيفًا أن الأزمة الكاتالونية "ستزيد الاستقطاب" السياسي ما من شأنه أن يفيد الأطراف الأكثر تطرفا مثل حزب فركس اليميني المتطرف والانفصاليين المتطرفين .
وبعد ستة أيام من الاحتجاجات المتواصلة، ساد الهدوء النسبيّ مساء السبت برشلونة. لكن المتظاهرين أقاموا متاريس وأشعلوا النار في جادة لا رامبلاس الشهيرة قبل أن تفرقهم الشرطة.
وليل الجمعة السبت، قام الانفصاليون المتشددون بإلقاء الحجارة والألعاب النارية على الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطيّ.
وتسببت محاولة انفصال هذه المنطقة الغنية الواقعة شمال شرق إسبانيا في العام 2017 بأسوأ أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ نهاية حقبة ديكتاتورية فرانكو عام 1975.