تشكل الديون جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وتعد آليات الإقراض من صندوق النقد الدولي (IMF) حجر الزاوية في دعم الدول التي تواجه تحديات اقتصادية، حيث يبرز صندوق النقد الدولي كمؤسسة مركزية في توفير الدعم المالي للدول الأعضاء.
وباعتباره جزءًا لا يتجزأ من النسيج المالي الدولي، يقوم صندوق النقد الدولي بدور حيوي في دعم الاقتصادات الوطنية والاستقرار المالي العالمي، من خلال الإقراض التي يقدمه الصندوق لمنح الدول الفرصة لبناء أسس اقتصادية متينة لمواجهة التحديات المالية وتعزيز النمو المستقبلي.
كمنظم مالي عالمي يساهم صندوق النقد الدولي في الحيلولة من تفاقم الأزمات المالية من خلال تقديم التمويل اللازم والمشورة الاقتصادية للدول الأعضاء، كما يعمل الصندوق على تشجيع التعاون الدولي وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات.
ويلقي هذا التقرير الضوء على مسألة الاستدانة من صندوق النقد، مستكشفًا الدول الأكثر والأقل استدانة، دوافع الاقتراض، آلية منح القروض، وما إذا كانت هذه القروض تمثل تدخلًا في سياسات الدول أم لا.
تتباين الدول في مستويات استدانتها من صندوق النقد الدولي بناءً على عوامل متعددة تشمل الحجم الاقتصادي، الاستقرار المالي، والحاجة إلى الدعم الخارجي. الدول التي تعاني من عجز كبير في ميزانياتها، اضطرابات اقتصادية، أو أزمات مالية غالبًا ما تكون من بين الأكثر استدانة. في المقابل، الدول ذات الاقتصادات القوية والمستقرة تميل إلى الاستدانة بمعدلات أقل.
وبلغ إجمالي الدَّين العالمي المستحق لصندوق النقد الدولي 152.2 مليار دولار في يوليو 2023، وذلك حسب البيانات الصادرة على موقعه الرسمي، إذ توسعت محفظة قروضه بعد عدد من خطط الإنقاذ المتفق عليها مؤخراً للاقتصادات النامية المتعثرة.
وتصدرت الأرجنتين أعلى دول العالم من حيث الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي بديون تبلغ 43.2 مليار دولار، وجاءت مصر بالمرتبة الثانية بديون تبلغ 15.1 مليار دولار، يليها أوكرانيا بقيمة 12 مليار دولار.
وعلى الصعيد العربي تتصدر مصر قائمة الدول العربية المدينة لصندوق النقد الدولي، ويأتي المغرب و الأردن في المرتبة الثانية والثالثة على التوالي، ثم تونس والسودان.
كريستالينا غورغييفا، المديرة الحالية لصندوق النقد الدولي منذ عام 2019، أصدرت تحذيرًا بخصوص الزيادة في الفجوة الدخلية بين الدول الغنية والأقل ثراء، مشيرة إلى أن هذا الانقسام يسهم في زعزعة الاستقرار على مستوى العالم ويغذي النزاعات.
في خطاب ألقته الأسبوع الماضي، تطرقت غورغييفا إلى تناقص الثقة بين الدول وتصاعد التوترات الجيوسياسية. مؤكدة أن “عالمًا متشظيًا” سيؤدي إلى مزيد من الفقر وانخفاض مستويات الأمان. مستشهدة بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا والصراع بين إسرائيل وحماس، إلى جانب صراعات أخرى لا تلقى تغطية إعلامية كبيرة.
وأشارت إلى أن حجم الأموال المستحقة حاليًا يُعد ضئيلًا مقارنة بحجم الاقتصاد العالمي. الذي يفوق 100 تريليون دولار. لكنه يعكس الأهمية البالغة لصندوق النقد الدولي كركن أساسي في تنظيم وإدارة النظام المالي العالمي. الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية.
صندوق النقد الدولي يقدم القروض وفق برامج تمويل مصممة لتناسب احتياجات كل دولة. تتطلب هذه البرامج من الدول المقترضة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسات مالية محددة لضمان استدامة الديون وتحقيق النمو الاقتصادي. حيث تُرتبط قروض صندوق النقد بمجموعة من الشروط التي تحددها السياسات الاقتصادية والإصلاحات التي يجب على الدولة المقترضة تنفيذها.
وتهدف هذه الشروط إلى تحقيق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام، وقد تشمل تقليص العجز المالي، إصلاح القطاع العام، وتعزيز الشفافية.
يُقدم الصندوق قروضًا للدول الأعضاء من خلال عدة برامج تمويلية مصممة لتلبية احتياجاتها الخاصة. وتشمل هذه البرامج ترتيبات الاستعداد الائتماني. الاتفاقيات الممددة، وخطوط الائتمان المرنة، وكل برنامج يتطلب من الدولة المقترضة الالتزام بتنفيذ إصلاحات اقتصادية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المالية.
يُنظَر إلى شروط صندوق النقد الدولي أحيانًا على أنها تدخل في السياسات الداخلية للدول المقترضة. حيث أن الإصلاحات المطلوبة قد تؤثر على الاقتصادات المحلية والسياسة الاجتماعية، ومع ذلك، يدافع الصندوق عن هذه الشروط بأنها ضرورية لضمان قدرة الدول على سداد قروضها وتحقيق النمو المستدام.