الزاكي زكريا
الباحث السوداني المتخصّص في الشؤون الدولية
يحتدم القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط مؤشّرات على تأخّر فرص الحل السياسي التي كانت أقربها اكتمالا “منبر جدة” برعاية السعودية.
“منبر جدة” لقي قبولا وترحيبا واسعا من قِبل القوات المسلحة السودانية، وفق بنود الاتفاق التي تنصّ على خروج قوات ومليشيات الدعم السريع من المرافق العامة والخاصة ومنازل المواطنين، والعمل على فتح المسارات الإنسانية، مع تجمّع قواتهم في مناطق معينة، وذلك تمهيدا لإجراءات الترتيبات الأمنية، ووقف إطلاق النار بين الجانبين.
“منبر جدة” كان بمثابة ورقة إنقاذ للأحوال المتردية في الداخل السوداني، ويبكّر بعودة البلد الذي أنهكته الحرب إلى سابق عهده، وضمن أهم بنود اتفاق “منبر جدة”، كان الانتقال إلى مرحلة التحوّل الديمقراطي في الداخل السوداني تمهيدا لإعادة الإعمار، لكن قوات الدعم السريع مع الأسف الشديد لم تلتزم ببنود الاتفاق الذي رعته السعودية، وهذه هي المشكلة، أن الاتفاقات تكون صعبة، وكلما كان هناك إطار مكتمل للحل السياسي يفسد بسبب عدم التزام أحد أطراف الصراع.
من الصعب حاليا التوصّل لإطار سلام مكتمل في السودان مع احتدام القتال في مناطق متفرّقة من العاصمة الخرطوم وأم درمان، وغيرهما من المدن، فضلا عن الانتصارات الواسعة للقوات المسلحة السودانية، لا سيما في أم درمان والخرطوم، ومن المتوقّع أن تعاود “الدعم السريع” الانصياع إلى صوت العقل وتنفيذ بنود اتفاق “منبر جدة”، في حال تمّ تحجيم الدعم الخارجي لهم.