المسؤول «الطاؤوسي» والموتة السريرية !

تحدثت غير مرة عن دخلاء المهنة ومرتزقة الصحافة الذين ولجوا لها من الأبواب الخلفية ومخارج الطوارئ بطرق غير مشروعة لأهداف غير أخلاقية ولإرضاء نزعة "متلازمة أنا موجود" التي يصارعها المصابون بهذا المرض الفتاك كفانا وإياكم شر الشرور.

ولأن الحديث ذا مسار واحد ولا ينفك عن "الإعلام"وربما لو تشعب فقد استوقفني كثيراً عمل إدارات المراكز الإعلامية بالمنظومة الحكومية أو الأهلية وما شاكلها، فحسابات الجهات الحكومية في "تويتر" هي المطار الذي تقع عليه أعين الزائر ومثّلتها بالمطارات تحديداً لأن المطار هو أول أرض تضع قديمك عليه ومنه تأخذ تصورك الأولي عن نهضة وتعلم البلد وسلوك مواطنيه .

فكثيراً من هذه الحسابات تدار بطريقة "هشك بشك" ومجاملات ممجوجة ترزح تحت الفكر التقليدي القديم الذي يظن أن القارئ بات تواقاً لمعرفة من استقبل ومن صافح ومن عانق مدير هذه المنظمة ؟ الأمر ليس كذلك!فالحسابات الحكومية يجب أن تُفعّل بطريقة مهنية تعكس قدرات الفريق الذي يديرها ويثبت حسه الصحافي فالتركيز على الأخبار الباهتة ظنًا أنها محتوىً باذخاً لا يخدم المنشأة ويعكس إهتراءها وهشاشتها.

واختزال دور إدارات الإعلام بالتصفيق لشخصية المدير وضيوفه وإمطار إيميلات الصحف بأخبار روتينية تعرفها من عناوينها لا يعكس الصورة الحقيقية لرسائل الإعلام، وعمل لا يحترم عقلية الجمهور الذي تتعامل معهم فالمتابع لا يريد معرفة  ضيوفك بل يريد معرفة ماذا قدّمت أنت وضيوفك؟

فالدور الذي تلعبه "مطابخ الإعلام" بالقطاع الحكومي كبير ويُناط بها مسؤولياتٍ جسام فهي الواجهة الذي نُطل منها لمعرفة عالمك وإلى أين وصلت في الوقت الذي ترفع فيه الدولة بأعلى سلطاتها شعار الشفافية والوضوح والمحاسبة وعدم المواربة وإخراج ما تريد وحجب ما لا تريد واستخدام المساحيق الإعلامية لإخفاء عثراتك،مع تفعيل القنوات الرسمية وعدم إغفالها فبعض الحسابات الحكومية لا تغرد إلا بعد يوم ويومين ثم تكتب تدوينة قصيرة مشبعة مغرقة بالرمزيات وسرد المنجزات الوهمية .

يضاف لعمل هذه الإدارة استثمار قنوات التواصل للتعاطي مع الأزمات في حال تعرضت للهجمات وتزويد الصحف بالمعلومات والأرقام وماقدموا  والاستفادة من الاخفاقات والعمل على تصويبها والنهوض مجدداً، فعقلية المسؤول "الطاؤوسي" الملاك الطاهر المُنزه يجب أن تنتهي ولا تُستنسخ  سلامة وصوناً للأجيال القادمة فالجيل على قدر من الوعي وما تخفيه خلف حصونك المنيعة تتلقفه كاميرات الهواتف الكفية!.

وأعتقد أن أدمغة المسؤولين "الطاؤوسين" أصيبت بموتة سريرية مع المتغيرات في العهد الذي نعيشه فخادم الحرمين الشريفين حفظه الله يقول:"رحم الله من أهدى إليّ عيوبي ..ولا حصانة لأحد".

النقد أساس تقويم المنظومة الحكومية وله أدبياته ولاحرج في تقبله لو سلم من الشخصنة والتصيّد ويعكس خُلقك وثقتك، ومن لايقبله يغادر موقعه ويجلس في استراحته ليمارس حياته الخاصة ولن يمسه أحد فهو مكانه الخاص وحقُ له أن لايتربص به أحد،ومن يقدم منتج إعلامي يراهن عليه لايقلق من حرفين أو ثلاثة ليُقيم الدنيا ولايقعدها وربما شيطنك ونال منك وفتش في حياتك وكيف كان مستواك الدراسي في الابتدائية وكيف ترتدي الشماغ والعقال؟ونجد أنفسنا أمام شخصية صبيانية لاتجيد غير الصراخ جرياً على المثل "قابل الصياح بالصياح تسلم"!.

الرهان اليوم على المخرجات لا عن بروتوكولات لبسي الشماغ - فالحمدلله لم أرتكب مخالفة للذوق العام-والمحك الذي نحتكم إليه، بماذا خرجت من إدارة الإعلام في جهتك؟هل خرجت بجوقة "تردح" -على الطالعة والنازلة-حُشدت لهذا السبب.

أو بمعلومات قيّمة ثرية تغذي عقلية من يجهل منشأتك ويشتاق يومياً لوجبة إعلامية شهية تُشبع فضوله.. إلى اللقاء .