بين اتهامه بالتطرف ووصفه بـ”إمام الوسطية”.. أزمة كبيرة بسبب مسرحية عن الشعراوي في مصر

حالة كبيرة من الجدل تشهدها مصر خلال الأيام الحالية، بعد الإعلان عن تقديم المسرح القومي عرضاً مسرحياً عن حياة الداعية الإسلامي الراحل، الشيخ محمد متولي الشعراوي، خلال رمضان المقبل.

ورغم أن مسؤولي المسرح القومي نفوا تقديم «عرض مسرحي» عن قصة حياة «إمام الدعاة»، مشيرين إلى أن الأمر لا يتعدى إقامة أمسية دينية في إطار برنامج لاستعراض سير مجموعة من أعلام الوطن، تحول الجدل إلى خلاف حول شخصية الداعية نفسه، بين فريق يرى أنه من أهم دعاة الإسلام في العصر الحديث، واستطاع تقديم تفسير مبسط للقرآن الكريم، وآخر يرى أن العديد من آرائه «متطرفة»، وفق تعبيرهم.

قصة المسرحية

أكد الفنان إيهاب فهمي، مدير المسرح القومي، عدم وجود عرض مسرحي عن حياة الشيخ الشعراوي، قائلاً: «هناك أمسية عن الشيخ الشعراوي ستُقام لليلة واحدة ضمن إمساكية شهر رمضان، وطلبت لجنة القراءة إعادة صياغتها درامياً».

وأضاف أن هذه الأمسية ستكون ضمن مجموعة من الأمسيات الثقافية والفنية تحت شعار «السيرة»، تستعرض تاريخ القامات المصرية في المجالات كافة، ومنهم على سبيل المثال: الدكتور أحمد زويل، والأديب العالمي نجيب محفوظ، والفيلسوف زكي نجيب محمود، والإمام محمد عبده، وأمير الشعراء أحمد شوقي، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والفنان زكي طليمات، والشاعر صلاح جاهين، والشاعر صلاح عبد الصبور، والفنان التشكيلي محمود سعيد، والشاعر فؤاد حداد.

طلب إحاطة

لكن بعض المعارضين لهذه الخطوة انتقدوا الأمر برمته، متسائلين: «كيف ننتج عمل فني عن داعية كان معادياً للفن وأهله»، وفق تعبيرهم، وهو الجدل الذي تطور ووصل إلى قبة البرلمان

وتقدمت النائبة فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة للدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، بشأن «ضعف أداء وزارة الثقافة في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم المشوهة عبر الفنون المختلفة من سينما ومسرح ومسلسلات».

وقالت البرلمانية المصرية في طلب الإحاطة: «على سبيل المثال لا الحصر: كيف ينتج المسح القومي التابع لوزارة الثقافة مسرحية عن الشيخ الشعراوي، الذي سجد لله شكرا على هزيمة ٦٧، وقال بثقة إنه فرح لهزيمة مصر»، وفق تعبيرها.

وتساءلت: «كيف يمكن توطيد شعور الانتماء الوطني لمشاهدي هذه المسرحية؟»، مضيفة: «الراحل الشعراوي أيضاً حرم الفن وأموال الفن، وحرض على عدم وضع النقود في البنوك، لأن فوائد البنوك حرام»، بحسب تعبيرها أيضاً.

وزيرة الثقافة

وصلت الأزمة إلى محطة أكثر اشتعالاً، عندما خرجت وزيرة الثقافة المصرية لتعلق على حالة الجدل الكبيرة، ووصفت الداعية الراحل بأن «عليه تحفظات كثيرة».

ونفت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، تجسيد سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي على المسرح القومي، خلال شهر رمضان المقبل، معتبرة أنه «عليه تحفظات كثيرة».

وقالت الوزيرة خلال تصريحات تلفزيونية: «كان هناك اقتراح مقدم بعقد أمسيات عن بعض الشخصيات الدينية في رمضان، وهذا ليس عملًا مسرحياً، بل مقترح مقدم من مدير المسرح القومي، ولم يعرض على اللجنة حتى الآن، إذ أن اللجنة تقرر الأعمال حسب بعض المعايير والشروط».

الأزهر يرد

أعقب ذلك توجيه انتقادات للشيخ الشعراوي من قبل إعلاميين مصريين، سواء في برامجهم أو على حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسهم الإعلامي إبراهيم عيسى.

ورد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على هذه الانتقادات، مشدداً على أن «إمام الدعاة» مثال للعالِم الوسطي المستنير، قبل أن ينشر السيرة الذاتية للداعية الراحل، والتي جاء فيها أن «من أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، أثناء إقامته في المملكة العربية السعودية، يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك. واستجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقرّ رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته».

وقال الدكتور أسامة الأزهري، مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية: «منذ خمسين سنة والإمام الشعراوي يملأ الدنيا علماً، فما رأينا أحدًا أراق قطرة دم، ولا حمل السلاح، ولا صار داعشيًا بسبب كلمة سمعها من الشيخ الشعراوي».

ودعم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، الفريق الداعم للداعية الراحل، قائلاً على «تويتر»: «رحم الله فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته».

العائلة

وعلقت «سعاد» حفيدة الشيخ محمد متولي الشعراوي على الهجوم الذي يتعرض له جدها خلال الأيام القليلة الماضية.

وقالت حفيدة «الشعراوي» في تصريحات تليفزيونية، أمس السبت: «الشيخ الشعراوي لا يحتاج إلى من يدافع عنه، لأن تاريخه كفيل بفعل ذلك».