رحيل “الحياة” .. 7 عقود من التميز الصحفي .. هل هُزمت في زمن ” الرقمية” ؟

"بعد أكثر من ١٩ عاما قضيتها في دهاليز صحيفة الحياة،اتنحى اليوم عن رئاسة تحريرها "

يبدو أن استقالة الإعلامي سعود الريس عن رئاسة تحرير صحيفة الحياة ،اليوم، هي النقطة التي اختتمت سطرا طويلا و المسمار الأخير في نعش عمر تلك الصحيفة التي عاشت لعقود، مسجلة حضورها الإعلامي المتميز في العالم العربي ممتدة غربا بحضور قوي مثرية الشارع بالخبر و المعلومة .

7 عقود من الحضور

الحياة التي تأسست في بيروت عام 1946 على يد الصحافي كامل مروة وأقفلت أبوابها في بيروت في العام 1976، بعد عام من اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975-1999) مثلت تاريخا من الحضور في المشهد الإعلامي شاهدة على عصرها ومدونة لأخباره ومتخذة من "الحياة عقيدة وجهاد "شعارا لها .

و في عام 1988، انطلقت "دار الحياة" في لندن، وباتت بعد عامين ملكاً للأمير السعودي خالد بن سلطان لتبدأ مشوارا جديدا كان للمملكة حضورا كبيرا في منجزه الإعلامي و الثقافي متميزة بالتنوع و التخصص و العمق  حتى يأتي مطلع 2005، لتعلن الحياة خروج طبعتها السعودية  للنور، متخذة من الرياض مقراً لها.

وأصبحت صحيفة "الحياة" التي اتخذت من لندن مقراً رئيسياً لها، منبراً لأبرز الكتاب والمثقفين العرب بمحتوى متنوع عرف الكثير من الأسماء لتثري الصحافة العربية وتمنح الثقافة العربية منصة مهمة في تاريخها.

و عملت الصحيفة على إصدار نسختين، الأولى دولية انطلاقاً من بيروت وتوزع في أنحاء العالم والثانية محلية سعودية شهدتها المملكة.

بداية النهاية

بعد 70 عاما من اندفاعها كنهر إعلامي وثقافي  بدأت الحياة في الركود و بدأ جريانها في البطء  لتعلن الجريدة العريقة إغلاق مكتبها في لبنان لتظهر على السطح أزمة مادية أدت إلى إنهاء عمل عدد من موظفيها، مما دفعهم للتقدم بشكوى للسلطات اللبنانية ضد الصحيفة ليكون يونيو 2018 تاريخا فارقا في الصحافة العربية،وذلك  بعد شهر من توقف طبعتها الورقية لتلفظ الصحيفة التي تأسست قبل أكثر من سبعة عقود انفاسها الأخيرة، جراء أسباب مالية، وفق ما تم إبلاغ العاملين فيها ، ولكن تتبقى أسباب أخرى ربما كانت لها الأثر المهم في توقفها.

وفي ظل الأزمة المالية للصحيفة بدأت بعض الإضرابات بين العاملين فيها في بيروت طلبا لمستحقتهم المالية لتمتد الأزمة إلى مكتب الصحيفة الجديد في دبي ليعقد مجلس الإدارة اجتماعا  في مارس/ 2018 لبحث أوضاع الدار ومستجدات الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، نتجية تراجع الدخل من الإعلانات، والتحول من النشر الورقي إلى الرقمي، حسب موقع الحياة.

وأكد مجلس الإدارة  وقتها على إعادة الهيكلة، وصنع غرفة أخبار موحدة، من خلال دمج كل الإمكانات لتوفير المحتوى والمضمون لمنتجات الدار الورقية والرقمية بجودة ونوعية.

سؤال التاريخ و ظهور الصحافة الرقمية

وهنا يمد سؤال مهم رأسه ليتم طرحه وهو سؤال الإعلام الورقي ومدى أزمته في ظل زمن السوشيال ميديا و الإعلام الإلكتروني وهل لم تستطع الحياة مواكبة هذا التطور أم أن الزمن قد تبدل لحضور أبطال آخرين ومنصات أخرى ربما تمثلها المواقع الإلكترونية ذات المواد الخفيفة و السريعة المواكبىة لسمات العصر النصية و زوق التلقي الجديد وانتشار المنصات الرقمية و دخول زمن الصورة و الأيقونة و النص التفاعلي بقوة قد يجعل من الصحافة الورقية فارسا من العصور الوسطى يتسلح بدرع وسيف لا قبل له بالصمود بهما أمام أزرة و أجهزة هذا العصر المحوسب و الرقمجي  بامتياز  ؟

فهي ليست الصحيفة الورقية الوحيدة بالمملكة، التي تعاني في هذا الزمن فقد سبقتها صحيفة الشرق أصغر بنات الصحافة الورقية وأحدثها والتي تصدر من المنطقة الشرقية والتي توقفت عن النشر منذ 3 سنوات فيما لاتزال باقي الصحف تقاوم تآكل الصحافة الورقية بالهروب للأمام لتنجو من الأزمات المالية ، الناتجة عن انخفاض دخول الصحف الورقية و مشاكل وندرة التوزيع و غيرها من المشاكل التي تعد أهمها مشكلة التحول الرقمي وصعود المنصات الإلكترونية وتداول الأخبار عبر منصات اجتماعية كبرى مثل فيسبوك و انستجرام  و يوتيوب و ذهاب الجمهور للصورة و الفيديو بدلا من شراء الجرائد الورقية .