تُوج الشاعر السعودي محمد آل مداوي الوادعي بلقب الموسم الحادي عشر من مسابقة “شاعر المليون”، والتي أقيمت فعالياتها الختامية أمس على مسرح شاطئ الراحة في مدينة أبوظبي.
حضر الفعاليات عدد كبير من المسؤولين وجمع غفير من عشاق الشعر النبطي، وقد تنافس خمسة شعراء سعوديين وكويتي على اللقب، ضمن الفعاليات، وظفر باللقب محمد آل مداوي الوادعي، بينما حل في المركز الثاني عامر محمد بن مبشر، وجاء مبارك بن مدغم الأكلبي في المركز الثالث، وأحرز عبدالله حنيف اليامي المركز الرابع، وحصد صلاح بن ضاحي الحربي المرتبة الخامسة، وجمعيهم من المملكة العربية السعودية، فيما حصل فيصل عبيريد العازمي من الكويت على المركز السادس.
وحظيت هذه المنافسات بتفاعل ملايين المتابعين الداعمين لرحلة الشعراء، إذ دعم تصويت المشاهدين الشعراء بـ 40 درجة تضاف إلى درجات لجنة التحكيم من 60 درجة؛ 30 درجة عن الأمسية نصف النهائية، و30 درجة عن الأمسية الختامية.
حصل الوادعي على 76 درجة في المركز الأول، وجائزة قدرها 5 ملايين درهم ولقب “شاعر المليون”.
وفي المركز الثاني حصد عامر محمد بن مبشر 57 درجة، وجائزة مالية 4 ملايين درهم، فيما جاء مبارك بن مدغم الأكلبي في المركز الثالث وحصل على 56 درجة، وجائزة 3 ملايين درهم، وأحرز عبدالله حنيف اليامي المركز الرابع بـ 55 درجة، وجائزة مليوني درهم، وجاء صلاح بن ضاحي الحربي في المرتبة الخامسة بجمعه 53 درجة، وجائزة مليون درهم، فيما حصل فيصل عبيريد العازمي على 53 درجة في المركز السادس، وجائزة 600 ألف درهم.
وجاءت قصيدة الشاعر الثاني في الأمسية، عامر محمد بن مبشر من المملكة العربية السعودية، في مدح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ووصفها الدكتور سلطان العميمي بأنها من القليل المتفرد في باب المدح، وقال إن القصيدة مكتوبة بذكاء الشاعر الذي يدرك ما كتب قبله من مدح كي ينأى عن التكرار والتقليد، مضيفًا أنها “قصيدة شامخة عن قامة شامخة”.
وقال حمد السعيد -عضو لجنة التحكيم- إن “هذا النص لا يكتبه إلا شاعر عظيم ومتمكن”، وذهب إلى أن “عظمة النص هي من عظمة الشخصية التي يتحدث عنها في المقام الأول”. وأشاد بالصور الشعرية والابتكار في النص ووصفه بأنه “يكتب بماء الذهب”.
ووصف الدكتور غسان الحسن النص بأنه “مدح لمن يستحق وأكثر من ذلك”. وتوقف الحسن عند الإضاءات الجمالية التي حوتها القصيدة، وقال إنها لا تأتي إلا من شاعر متمكن. وأشاد بتضمين الشاعر كلمات القصيدة بمفردات ثقافية منحتها دلالات إضافية.
المتنافس الأول في الأمسية كان الشاعر صلاح بن ضاحي الحربي من المملكة العربية السعودية، وجاءت قصيدته في رثاء أخيه، ونوه عضو لجنة تحكيم “مسابقة شاعر المليون” الدكتور غسان الحسن بجمالها، وتميز مطلعها، وأبدى إعجابه بالمقابلات الموجودة فيها بين الحالات التي تصفها.
أما الدكتور سلطان العميمي -عضو لجنة التحكيم- فقال إن القصيدة مؤثرة وتساوت فيها كفتي الشعر والعاطفة فلم يتغلب أحدهما على الآخر. فيما وصف حمد السعيد النص بأنه من المرثيات المتميزة وقال إنه جاء بصور شعرية جميلة ومبتكرة جعلته “مثل ثوب حزن مرصع بجواهر ثمينة”.
ثالث شعراء الأمسية كان عبدالله حنيف اليامي من المملكة العربية السعودية، واتخذ من مسابقة “شاعر المليون” موضوعًا لقصيدته، التي أشاد بها حمد السعيد ونوه إلى أن الشكل الظاهر فيها هو الغزل ولكن المتمعن يستطيع أن يرى أنها تتحدث عن موضوع المسابقة. وهو ما وافقه عليه الدكتور غسان الحسن بقوله إن القصيدة رمزية وشفافة وجاءت بصورة عاطفية، في حين أنها تتحدث عن المسابقة ومسيرة الشاعر فيها. وأظهر الحسن إعجابه باستخدام الشاعر التفاصيل الدقيقة في الوصف ومزجها بمشاعره.
وأثنى الدكتور سلطان العميمي بدوره على القصيدة وقال إن الشاعر استطاع تقديمها بشكل غير تقليدي برغم أن غرضها تقليدي، وذلك من خلال الصور الشعرية وبناء النص والدلالات الموجودة فيه.
رابع شعراء الأمسية، كان فيصل عبيريد العازمي من دولة الكويت، وكانت قصيدته وطنية، وقال الدكتور غسان الحسن إنه بنى قصيدته بوعي منتقلًا فيها من مدح صاحب السمو أمير دولة الكويت إلى ذكر أمجاد الوطن ومجريات أحداثه التاريخية، مشيراً إلى أن الشاعر في القصيدة أوصل للمتلقين أحاسيس جميلة عن وطنه ورموزه.
وأشار الدكتور سلطان العميمي إلى أن القصيدة فيها اشتغال احترافي في غرضها الذي كتبت فيه، بداية بخطاب صاحب السمو أمير دولة الكويت ثم الانتقال إلى رحلة زمانية ومكانية في تاريخ الكويت. وقال إن الشاعر استطاع أن يقدم نموذجاً للقصيدة الوطنية التي تحمل أيضاً الملامح الخاصة بهوية الممدوح وهوية الوطن وهوية الشاعر وبصمته. أما حمد السعيد فأشاد بالنص والصور الجمالية فيه، متوقفًا عند عدد من مواضعه لبيان تميزها.
وكان الشاعر مبارك بن مدغم الأكلبي من المملكة العربية السعودية، هو المتنافس الخامس في الأمسية، وجاءت قصيدته في مدح سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي. ووصف الدكتور سلطان العميمي القصيدة بأنها تنهل من أسلوب المدح التقليدي في عدد من المواضع، لكنها في الوقت نفسه لم تخلُ من التصوير الشعري المتميز، بما يمزج بين الأسلوبين.
وأشاد حمد السعيد بالنص، ونوه بالمحسنات البديعية فيه، مثل الجناس والطباق، كما أثنى على استخدام التكرار بطريقة تدل على حرفة الشاعر وبما يضيف إلى المعنى. وتوقف السعيد عند جماليات عدد من الأبيات.
وقال الدكتور غسان الحسن إن القصيدة فيها الكثير من الصور الشعرية، وأبدى إعجابه بالتناص الوارد في القصيدة مع أبيات أبي العتاهية الشاعر العباسي، وإحالاتها إلى الميثولوجيا الإغريقية.
أما الشاعر محمد آل مداوي الوادعي، الذي فاز باللقب، فكان والده هو موضوع قصيدته، التي وصفها حمد السعيد بأنها تجسد البر بالوالد، وقال إن دراما الحزن في النص مبتكرة في صورها الشعرية وأسلوبها المختلف تمامًا، متوقفًا عند ملامح من جماليات القصيدة.
ووصف الدكتور غسان الحسن النص بأنه إنساني وشخصي ذاتي في آن واحد، وأشاد بتميز بناء النص وطرحه وأساليبه.
وقال الدكتور سلطان العميمي إن القصيدة مليئة بالإحساس وبالصدق وبالشعر، وأشاد بتوظيف الشاعر عبارات وكلمات قالها والده ضمن نسيج النص، ونوه إلى أن القصيدة فيها من التصوير ما يساعد على خلق مشاهد بصرية عميقة ومتميزة لدى السامع.
أقيمت هذه المسابقة برعاية الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، الذي احتفى بالشاعر السعودي محمد آل مداوي الوادعي الفائز بنسخة هذا العام، ولقبه بـ”بيرق الشعر”.
وحضر ختام “شاعر المليون” اللواء فارس خلف المزروعي القائد العام لشرطة أبوظبي رئيس هيئة أبوظبي للتراث حيث قال في كلمته: “نثمن الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله) لبرامج صون الأدب الشعبي التي تعزز وترسخ قيم الإبداع في مسيرة الشعر، للإسهام في مضي أبوظبي قُدماً في مسيرة رؤيتها الشاملة الرامية إلى تعزيز الثقافة، وتأصيل الموروث ونقله للأجيال واحتضان المبدعين وتقديم المتميزين من الشعراء والاحتفاء بالمنجز الشعري بعيدا ًعن الربح والخسارة”.
كما حضر التتويج عبدالله مبارك المهيري مدير عام هيئة أبوظبي للتراث بالإنابة، وقدم التهاني للشعراء بما حققوا من إنجاز شعري يضاف إلى سجل “شاعر المليون” في نسخه السابقة.