فايروس «كورونا» سباق الحضارات «الإنسانية»

لم يكن فايروس كورونا (كوفيد – 19) بالمرض الفتاك ولكنه أحد أهم عوامل قياس قدرة الحضارات الإنسانية المختلفة وتعاملها مع الكوارث وطرق احتواء تلك النوازل العظيمة بحكمة وقوة وأداء عالي.

كانت محطة الفايروس الأولى (مقاطعة يوهان) الصينية والتي بدأ فيها بقوة وبدهشة سيطرت على ردت الفعل الإنساني والصحي المعتادة حيث كانت التوقعات الأولى ان يكون كسائر أمراض الشتاء (الانفلونزا) الموسمية او حتى تغير الأجواء والانتقال بين فصول السنة المعتادة ولكن مع تفشي المرض وحدته وتسجيل أعراضه المختلفة سريرياً إتخذت الحكومة الصينية أكبر وأشد المعايير الصحية لحصر تلك الجانحة بطرق لم تخطر على الأمم الإنسانية في العصر الحديث.

حيث أصدرت حكومة الصين الشعبية عدد من القرارات كانت في معايير الأمم الأخرى (صادمة) كالحضارة الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية ومايطلق عليه العالم المتلبس بثقافة (حرية الفرد) والتي لاتستطيع التحكم في الجماهير ويصعب عليهم فرض أنظمة تقيد من تحركهم و التي تشابه الى حد كبير فرض (سجن كبير) على أفرادها.

بينما لم تؤثر تلك القرارات الصينية على قدرة الحكومة الصينية و ثقتها بما يجب القيام به و كذلك ثقافة الشعب الصيني الذي تقبلها بوعي من إيمانه الذي ينطلق من حضارة ترجع لأكثر من خمسة آلاف سنة وتعتمد على (الحكم) القوي و تفهم الجماهير للمصالح العليا ومنها قيمة حياة وصحة الإنسان مقابل رفاهيته.

بل ان الحكومة الصينية بذلت المليارات من الدولارات في بناء المستشفيات الميدانية عند تفشي كارثة (كورونا) و إستفادت من جميع الخيارات التي اقترحتها لجان الأزمات لديها ومنها حصر وعزل تلك المقاطعات الموبؤة.

وتوفير الأجهزة الطبية واللقاحات التي تساعد على دعم قوة مناعة المصابين لتكون تلك التجربة أحد أنجح التجارب الصحية في العالم لإحتواء تلك الجانحة، بل وتصدير تلك التجربة الصحية لجميع دول العالم والمشاركة بفرق طبية وصحية متخصصة في عدد من الدول الأكثر كارثية كإيطاليا والتي أنهكها هذا الفايروس وجعلها أحد أهم محطات نقله الى إلى أوروبا وأمريكا وسواحل البحر المتوسط.

لم تكن فقط دولة جمهورية الصين الشعبية الوحيدة في تطبيق تلك المعايير الصحية بل كانت المملكة العربية السعودية والتي تشارك الصين الشعبية في الكثير من القيم الإنسانية والحضارية كانت سباقة في إطلاق وتطبيق حكومتها لأشد المعايير الصحية والتي من أهمها (العزل الصحي) للمصابين والمخالطين و كذالك إطلاق قرارات كانت الاولى في منطقة الشرق الأوسط والعالم في إيقاف الرحلات الجوية الدولية والمحلية وإيقاف العمل في عدد من الاجهزة الحكومية والخاصة و إغلاق المدارس وفتحها عن طريق (التعليم اللالكتروني) عن بعد وإغلاق الأسواق ودور العبادة المساجد بل أن احد أهم تلك القرارات كانت إيقاف بعض الشعائر الدينية والتي تمس الدول الإسلامية جمعا ومنها شعيرة (العمرة) والزيارة للمسجد الحرام في مكة و المسجد النبوي في المدينة، إستشعارا منها بأهمية وقيمة صحة الإنسان، فكانت تلك القرارات ولاتزال تساهم في حصر تلك الأفة الإنسانية.

ثم تبرعت السعودية وهي الثقل الاقتصادي و السياسي و الديني و الثقافي في العالم العربي و الإسلامي للجهود الصحية العالمية ب 10ملايين دولار أميركي لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة فيروس كورونا "كوفيد – 19.

وسجلت كذلك بادرة حسنة في تضافر الجهود الدولية عبر عقد القمة الإفتراضية ب الفيديو ب(26 مارس/آذار) المنصرم لقادة مجموعة الـ 20، الأقوى اقتصادياً برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

والتي ناقشت سبل المضي قدماً في دعم و تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة (كورونا) ودعم مراكز الابحاث واللقاحات للحد من تأثيراتها الإنسانية والاقتصادية.

*إعلامي سعودي