نظام الجامعات الجديد وتجربته الجديدة في التعليم الجامعي

إن المملكة العربية السعودية تخطي خطوات قوية وواضحة في مجال التقدم العلمي والتقني والاقتصادي ويظهر ذلك واضحاً في إقرارها نظام الجامعات الجديد والذي سيحقق انعكاس حقيقي وواضح لمقاصد وغايات رؤية 2030 سواء في التطوير الإداري للجامعات أو التطور التعليمي؛ بما في ذلك الهياكل التنظيمية للجامعات السعودية.

فقد جاءت فكرة نظام الجامعات الجديد ليتولى إقرار السياسات والاستراتيجيات والتوجيهات العامة للتعليم وتقليص صلاحيات مجلس الجامعة وتحويلها إلى مجلس الأمناء والذي يعد من أبرز إيجابيات النظام؛ فمجلس الأمناء مسؤولاً عن الحوكمة والتأكد من فعالية وكفاءة التعلم والتعليم الذي تقدمه الجامعة، كي يكون ضابطاً لجميع أعمالها الأكاديمية والإدارية أسوة بالجامعات العالمية.

كما سيكون لكل جامعة ما يسمى (بمجلس الجامعة) مكون من رئيس وهو (رئيس الجامعة)، ونواب وعمداء الكليات والعمادات والمعاهد، وأربعة أعضاء على الأكثر من ذوي الخبرة والكفاءة يعينهم مجلس الأمناء بعد ترشيح رئيس الجامعة لهم، وستكون مهمة مجلس الجامعة اقتراح رؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها والقواعد التنفيذية للوائح المالية والإدارية للجامعة، وإنشاء الكليات والعمادات والمعاهد والمراكز وأسماء الدرجات العلمية، وكذلك منح درجة الدكتوراة الفخرية.

فنظام الجامعات الجديد سيساهم في تنظيم شؤون التعليم العالي والعمل على تعزيز مكانتها العلمية والبحثية والمجتمعية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، بالإضافة إلى افتتاح فروع للجامعات الأجنبية داخل المملكة وفق ضوابط محددة، لرفع كفاءة التعليم الجامعي بالمملكة العربية السعودية.

ومن الجدير بالذكر أن نظام الجامعات الجديد يتكون من 14 فصل و58 مادة، وقد تم إقرار تطبيقه بعد 180 يوم من نشره في الجريدة الرسمية؛ وسيتم تطبيقه على ثلاث جامعات مع منحه إياها مدة انتقالية (سنة)، من تاريخ نفاذ النظام، بحيث يستمر خلالها العمل باللوائح الجامعية الحالية إلى أن يُصدر مجلس شؤون الجامعات اللوائح المالية والإدارية والأكاديمية للجامعات، وبما لا يخل بسلطة مجلس الأمناء في الإشراف على الجامعات، ولمجلس ‏شؤون الجامعات زيادة المدة الانتقالية لتلك الجامعات أو بعضها على ألا يتجاوز ثلاث سنوات من ‏انتهاء المدة الانتقالية المحددة بـ(سنة)؛ بينما سيستمر تطبيق الأنظمة واللوائح المعمول بها حالياً، بما فيها نظام مجلس التعليم العالي والجامعات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/8) وتاريخ 4-6-1414هـ - على الجامعات غير المشمولة بتطبيق النظام إلى حين شمولها به.

وقد أوضح النظام الجديد للجامعات أن موظفي الجامعة التي سيطبق عليها النظام ‏بمن فيهم أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم والإداريون والفنيون، الذين هم على رأس العمل وقت نفاذ النظام؛ فإن عليهم الاستمرار على أنظمتهم الوظيفية التي يخضعون لها، على أن يطرح مجلس شؤون الجامعات الخيارات والترتيبات اللازمة لمعاملاتهم ‏بما فيها تحويلهم إلى نظام العمل وبما لا يؤثر على حقوقهم المالية المكتسبة ويرفع بذلك لإكمال اللازم في شأنه، كما أن الاعتماد الأكاديمي بالنظام سيعتمد على الاعتماد المؤسسي لتقويم التعليم والتدريب، والاعتماد البرامجي لتقويم التعليم والتدريب.

ومن الجدير بالذكر أن نظام الجامعات الجديد سيمنح الجامعات الاستقلالية في وضع أنظمتها ولوائحها المالية والإدارية والأكاديمية وفق السياسة العامة التي تقرها الدولة، كما أنه يتيح للجامعات إنشاء مجلس لشؤونها بعضوية عدد من الجهات الحكومية وممثلين من القطاع الخاص، مما يمكنها من إقرار المخططات والبرامج المتوافقه مع احتياجات سوق العمل وتوفير الوظائف، وهذا الاعتماد الذاتي للجامعات سيمكنها من إيجاد مصادر تمويل جديدة مما سيؤدي إلى التقليل من الاعتماد على ميزانية الدولة، وذلك من خلال برامج الأوقاف والسماح للجامعات بتأسيس الشراكات الاستثمارية لتنمية مواردها المالية، والتوسع في مصادر التمويل الذاتية وتنميتها، وقد بدأت بعض الجامعات فعلياً بتنمية مصادر دخلها الذاتي إما من خلال إنشاء شركات كجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أو بفرض رسوم مالية على بعض التخصصات في الدراسات العليا والدبلوم والتعلم عن بعد.

إذاً فإن نظام الجامعات يعد تجربة جديدة على تعليمنا الجامعي، فهو تطوير مهم في هذه المرحلة مما سيدفع بعجلة الاقتصاد ويقدم لسوق العمل مخرجات ذات جودة عالية.