الرياض 
25°C
تولي المملكة العربية السعودية جهودًا واسعة للارتقاء والحفاظ على اللغة العربية، حتى إنها أطلقت على 2023 عام الشعر العربي، واحتفت من خلاله بالدور الحضاري والقيمة المحورية للشعر في الثقافة العربية.
ومع حلول العام الجديد 2024، اختتم مؤتمر مكة الدولي الخامس للغة العربية وآدابها.. اللغة العربية والعلوم، فعالياته، الأحد، والذي جاء بالتعاون مع مجمع اللغة العربية بمكة المكرمة، بمشاركة نخبة متميزة من الخبراء في مجال اللغة العربية وآدابها.
وقدّم المؤتمر بحوثا وأوراقا وملصقات علمية، إلى جانب طرح المشاركين آراء ومقترحات وأفكارا من الناحية الأكاديمية والمهارات الكتابية.
اقرأ أيضًا: المرأة السعودية تقتحم سوق العمل بفعالية وكفاءة في 2023
وتضمَّنت التوصيات الختامية للمؤتمر، ضرورة الاعتماد على اللغة العربية في بناء المعرفة، وفي الخطاب، والمراسلات والمكاتبات الإدارية، كما نصّت عليها رؤية المملكة 2030، وهو الأمر الذي يجعل منها عنصرا فاعلا في بناء مجتمع معرفة عربي، في ظل التطور الملحوظ لاستخدام اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية العلمية، وتزايد أهمية البعد اللغوي العربي في تقنيات الاتصال والإعلام، والاهتمام بزيادة المحتوى العربي من ألفاظ ومفردات ونصوص شعرية أو نثرية في الشبكة العالمية.
كون ذلك يسهم في الارتقاء نحو ترجمة عربية جيدة، ومعينة على الفهم لدى غير المتخصصين بالترجمة، وتطوير البرامج التعليمية الموجهة للطلاب في ضوء الاتجاهات الحديثة ونظريات التعلم المتمركزة على الطالب بوصفه محور العملية التعليمية.
يقول الأديب والكاتب أحمد السماري، إن “اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ العربية السعودية جعلت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻷﻧظﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ وھوﯾﺗﮭﺎ، وﺟﺎءت رؤﯾﺔ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻟـ2030 ﻟﺗﻌزز ﻣن ذﻟك اﻻھﺗﻣﺎم، ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧت إﺷﺎرة ﻣﺑﺎﺷرة إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ، ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﺟزءا أﺳﺎﺳﯾا ﻣن ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﮭوﯾﺔ الوطﻧﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ، كما أن اھﺗﻣﺎم اﻟﺳﻌودﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﺗوﺟﮭه ﻓﻲ دﻋم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ داﺧل وﺧﺎرج اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ، ظﮭر فيما أطﻠﻘت ﻣن اﻟﻣﺑﺎدرات، وأﺳﺳت ﻣن اﻟﻣدارس واﻟﻣﻌﺎھد واﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ؛ ﻹﺑراز دورھﺎ اﻟﺣﺿﺎري واﻹﻧﺳﺎﻧﻲ، وﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺟﯾﺎل ﻋﻠﻰ ﺣﺑﮭﺎ واﺣﺗراﻣﮭﺎ”.
ويضيف أحمد السماري، في حديث خاص لـ”الوئام”: “اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟوﻓﺎء ﺑواﺟب ﺧدﻣﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم، أقيم اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎﻣس ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وآداﺑﮭﺎ، واﺧﺗﯾر أﻗدس ﺑﻘﺎع اﻷرض ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ، حيث دﻋم اﻟﻣؤﺗﻣر ﺟﮭود ﻛل اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن وطﻼب اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟﻣﺛﻘﻔﯾن واﻟﻣﻔﻛرﯾن واﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ أو ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎھﺞ وطرق اﻟﺗدرﯾس أو ﻓﻲ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ وﺳﺎﺋر اﻟﻣﮭﺗﻣﯾن أن ﯾﻘدّﻣوا ﺑﺣوﺛﮭم وﻣﻠﺻﻘﺎﺗﮭم اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻐطﯾﮭﺎ ﻣﺣﺎور اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ، اﻟﺗﻲ ﯾرﺟﻰ ﻟﮭﺎ أن ﺗﺳﻔر ﻋن أطروﺣﺎت ﻧﺎﻓﻌﺔ وﻣﻔﯾدة، وأن ﺗﺳﮭم ﺑﻘدر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ ﻟﻐﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻷﺻﯾﻠﺔ”.
اقرأ أيضًا: هيئة التأمين: صافي الدخل للقطاع 869.6 مليون ريال خلال الربع الثالث من 2023
ويتابع المتحدّث ذاته: “ﻟﻘد اﺳﺗوﻋﺑت رؤية المملكة 2030 أن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳﻛون ﺑﻌﺷق ﺗراﺛﮫ اﻷﺻﯾل، وﻣﺟﺑول ﺑﺎﻟﺣﻧﯾن ﻟﻣﺎﺿﯾﮫ اﻟﻌرﯾق، وﻟﻠﺗراث أھﻣﯾﺔ ﻛﺑرى ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺷﻌوب، لا سيما اﻟﺗراث ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻣﻛوّﻧﺎﺗﮫ اﻟﺳﻣﻌﻲ واﻟﺑﺻري، والذي ﯾﺷﻐل ﺣيزا واﺳﻌا ﻣن اﻟذاﻛرة اﻟﺣﯾﺔ ﻟﻠﺷﻌوب واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت، ويسري في شرايين الأجيال المتعاقبة، إن التراث ومنها اللغة العربية بمثابة القوة الناعمة التي تُسْهِم بالحفاظ على الهوية الوطنية للمجتمعات، وتصنع الصبغة الحضارية للشعوب، فتجعل لها وجها متميزا بين الأمم الأخرى”.
يذكر أحمد السماري: “دور الثقافة هو فتل الحبال القوية التي تشد الشعوب إلى شواطئ أوطانها، كي لا يُبْحِروا بعيدا نحو ثقافات مشبوهة، أو ينجرفوا سريعا نحو فنونٍ هابطة، وتظل الثقافة صامدة على ضفاف الحياة، ورابضة في بطون أوديتها، مهما امتدت عصور الجفاف، ليورق من جديد، كي يمنح أهله ترياق الحياة الناجع، ويَصُب في كؤوسهم سلسبيل الأمل الواعد”.
ويُضيف السماري: “لقد قدَّم المفكّر الجزائري مالك بن نبي، توصيفا علميا لشروط قيام المجتمع، مستندا في ذلك إلى استقراء تجارب الأمم والحضارات، فهو يعرّف المجتمع بأنه: ليس مجموعة من الأفراد، إنما تنظيم معيّن ذو طابع إنساني يتم طبقا لنظام معيّن، ثم شرح هذا النظام، مبيّنا أنه يقوم على 3 عناصر، أولها، حركة يتسم بها المجموع الإنساني. وثانيها، إنتاج لأسباب هذه الحركة، وثالثها، تحديد لاتجاهاتها”.
ويستطرد السماري: “ويوضّح المفكّر الجزائري ذلك أكثر بقوله إن كل جماعة لا تتطور ولا يعتريها تغيير في حدود الزمن، تخرج بذلك عن التحديد الجدلي لكلمة مجتمع. فكما أن هناك قيما تدفع نحو البناء (الحركة الإيجابية)، هناك أيضا قيم تدفع نحو الهدم والخراب (الحركة السلبية)”.
يرى أحمد السماري أن الثقافة العربية تتخللها معوقات متداخلة في تنميتها، بعضها كامن في مفهوم الحرية، ونوع التعليم، وشكل ممارسة الديمقراطية، وهي مفردات ناقشها العرب منذ مطلع هذا القرن الماضي، وما زالوا يناقشونها دون الوصول إلى ما تطمح له نُخبهم من أهداف، مثلها مثل العمل في السياسة كلمات كبيرة وأفعال محدودة، لذلك لا بد من قيادة حكيمة توجه مجتمعاتها وترفع من مستوى وعيها ورقيها، بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة، والتخلص من كل الأفكار والسلوكيات السلبية التي تَحدّ من فعاليتها وقدرتها على التأثير في مجرى التاريخ وإحداث نقلة نوعية في الفكر والفعل الحضاري، متخذة العلم والمعرفة والثقافة دروبا في وصولها لمقدمة الأمم”.
حول آخر أعماله الأدبية ومشاريعه الثقافية، يختتم أحمد السماري، حديثه قائلا: “كانت رواية “الصريم” هي باكورة إنتاجي الروائي، ثم تبعتها رواية “قنطرة” التي حققت نجاحا كبيرا، وروايتي الثالثة سلمتها للناشر، وأتوقع صدورها خلال العام ٢٠٢٤م، وسوف أبدأ قريبا في عمل تاريخي سيكون جاهزا في العام ٢٠٢٥م”.
