الابتكار في القطاع الصحي.. كيف تقود السعودية التحول بالتكنولوجيا لتحسين الرعاية الصحية؟

تشهد الرعاية الصحية في المملكة نقلة نوعية تقوم على أسس الابتكار والتكنولوجيا، في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، حيث يتجلى هذا التحول في استخدام الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والتقنيات الحديثة لتحسين جودة الخدمات الصحية وجعلها أكثر فاعلية وكفاءة.

اقرأ أيضًا: وزير الصحة: نستهدف تغطية الخدمات الصحية بنسبة 94% في عام 2030

تتبنى السعودية مجموعة من المبادرات التكنولوجية التي تهدف إلى التشخيص المبكر والدقيق للأمراض، تحسين إدارة المعلومات الصحية، وتوفير العلاجات المبتكرة. كما تسعى السعودية لتعزيز الطب الاتصالي والتطبيب عن بُعد، مما يسهم في وصول الخدمات الصحية إلى كافة المناطق وإلى المرضى الغير قادرين على الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية خاصة كبار السن.

برامج ومبادرات

وضعت السعودية خطة شاملة لتحسين الرعاية الصحية، والتي من خلالها يتم تحقيق نظام صحي مستدام على مستوى عالمي يتماشى مع الطموح والأهداف المحددة في رؤية 2030، وأطلقت برنامج تحول القطاع الصحي بالصحة العامة بكافة مكوناتها، لتسهيل الوصول للخدمات الصحية والرفع من جودتها.

واستضافة المملكة في نوفمبر الماضي، النسخة الأولى من القمة العالمية لإطالة العمر الصحي تحت شعار “معاً نزدهر”، التي تعزيز علوم إطالة العمر الصحي بما يساهم في تحقيق التقدم في هذه المجال، ورفع مستوى الوعي العام، وتمكين الجيل القادم من العلماء، وتحفيز التحول الجذري في منظومة إطالة العمر الصحي.

وتتبنى المملكة مجموعة من المبادرات الطموحة لدمج التكنولوجيا الحديثة في النظام الصحي. من هذه المبادرات، نجد العمل على تطوير السجلات الصحية الإلكترونية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية وتقديم تشخيصات أدق، إضافة إلى توظيف تقنيات الواقع الافتراضي في التدريب الطبي وإعادة التأهيل.

اقرأ أيضًا: مدير الاعتماد بهيئة التخصصات الصحية: نحن البورد الوحيد في العالم الذي يقدم 175 اختصاص ولجاننا سعودية 100%

وخلال جائحة كورونا، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي تطبيق “تباعد” كوسيلةً لإشعار المخالطين للمصابين بفيروس كورونا المستجد، وسرعان ما استغلت المملكة الذكاء الاصطناعي، واستخدمته في التشخيص عبر تحليل الصور الطبية والبيانات السريرية لتحسين دقة التشخيصات.

وتشهد السعودية طفرة في مجال الابتكارات الصحية، مثل تطوير تطبيقات الهواتف الذكية التي تمكن المرضى من متابعة حالتهم الصحية والتواصل مع الأطباء عن بُعد.

وتُعد الروبوتات الجراحية والتقنيات الطبية المتطورة جزءًا من مستقبل الرعاية الصحية في المملكة، مما يساهم في تحسين نتائج العمليات الجراحية وتقليل مدة الإقامة في المستشفيات.

مع التوسع في استخدام التكنولوجيا، تواجه السعودية تحديات تتعلق بالأمان السيبراني وحماية البيانات الصحية.

لمواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة على تطوير إطار تنظيمي يضمن الخصوصية ويحمي المعلومات الحساسة، حيث تعمل المملكة جنبًا إلى جنب مع الشركات التكنولوجية على وضع معايير وتشريعات تضمن حماية البيانات وتوفر الدعم اللازم لتحديث المرافق الصحية.

ويتم الاستثمار في تدريب المهنيين الصحيين على أحدث التقنيات لضمان استدامة الابتكار في الرعاية الصحية.

اقرأ أيضًا: 40 جلسة و100 متحدث عالمي بالقمة العالمية لإطالة العمر الصحي بالمملكة

كما تستخدم المملكة تحليلات البيانات الكبيرة لفهم انتشار الأمراض وتحديد الأنماط الصحية، مما يساعد في اتخاذ قرارات أكثر فعالية في السياسات الصحية.

من المتوقع أن يؤدي الابتكار في مجال الرعاية الصحية إلى تحسين نوعية الحياة وزيادة متوسط العمر المتوقع. كما يُسهم في تخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، ومع استمرار الاستثمار في التكنولوجيا والبحث، تتجه المملكة نحو إرساء دعائم نظام صحي عالمي المستوى.

مشاريع تكنولوجيا لدعم القطاع الصحي

تعمل السعودية على تطوير مشاريع صحية رقمية مثل العيادات الذكية والملف الصحي الإلكتروني الشامل، الذي يمكن الأطباء من الاطلاع على تاريخ المريض الطبي بشكل فوري ومحدث.

وتشجع المملكة الشركات المحلية على تطوير وإنتاج أجهزة طبية مبتكرة تتوافق مع المعايير الدولية، مما يساعد على تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الصناعة الوطنية، وعملت مع مؤسسات صحية دولية رائدة لتبادل الخبرات وتطبيق أفضل الممارسات في الرعاية الصحية.

وتدعم الأبحاث العلمية في مجال الطب والصحة بهدف تطوير علاجات ولقاحات جديدة، وتحسين تقنيات التشخيص والعلاج للأمراض المزمنة والمعدية.

اقرأ أيضًا: استشاري تأخر إنجاب: الذكاء الاصطناعي مستخدم في الطب منذ 4 سنوات وتطوره متسارع

ودشنت السعودية منصة “نفيس” الهادفة إلى توفير المعلومات الصحية للمستفيدين، ومشاركة البيانات الصحية المتعلقة بهم مع مقدمي خدمات الرعاية الصحية، وتمثل نقلة نوعية في المنظومة وهي أحد مشاريع رؤية السعودية 2030، وهي منصة لمشاركة المعلومات الصحية بين مقدمي الخدمات، ويمكن من خلالها الحصول على ملف صحي موحد وشامل للمستفيدين.

وتستثمر المملكة في التعليم الطبي، عبر توفير المنح الدراسية وبرامج تبادل الطلاب مع جامعات عالمية لتأهيل كوادر طبية سعودية متخصصة تواكب التطورات العالمية في الرعاية الصحية.

وفي جلسة حوارية ضمن ملتقى ميزانية 2024 بعنوان “الميزانية في إطار تطوير الخدمات الأساسية” أكد وزير الصحة فهد الجلاجل، أن الوزارة كانت في الماضي تستثمر في تقديم الخدمات الصحية وحاليًا تستثمر في الوقاية وصولًا إلى مجتمع صحي، مؤكدًا أن 66% من المواطنين لا يحتاجون الآن الخروج من مناطقهم من أجل الحصول على الخدمة العلاجية.

اقرأ أيضًا: توقيع 92 اتفاقية في ملتقى الصحة العالمي لتعزيز الحياة الصحية في المملكة

تسير السعودية بخطى واثقة نحو تحقيق رؤيتها لمستقبل صحي متطور يواكب أحدث التقنيات والابتكارات، من خلال التزامها بتحسين جودة الرعاية الصحية والاستثمار في الحلول التكنولوجية، تثبت أنها على الطريق الصحيح لتصبح مركزًا عالميًا للابتكار الصحي ومثالًا يحتذى به في المنطقة والعالم.