عندما نجد أن حياتنا اليومية تترابط بشكل متزايد مع الشاشات، يظهر أثر ذلك بوضوح على رؤيتنا، خاصةً عند الأطفال، حسب ما يشير إليه أطباء بصريون في مختلف أنحاء العالم. إذ تشير التقارير إلى انتشار متزايد لحالات “قصر النظر” بين الأطفال، وهي تتوقع أنه وفقًا للمعدلات الحالية من الإصابات سيصبح نصف سكان العالم يعانون من هذه الحالة بحلول عام 2050.
وبينما لا يزال البحث في الروابط الدقيقة بين وقت الشاشة ومعدلات قصر النظر في طور الظهور، فإن العلماء يشتبهون في تأثير زيادة وقت استخدام الشاشة، خاصةً إذا مارست الأطفال هذا التفاعل منذ سن مبكرة.
توضح البروفيسورة إيزابيل جالبير من كلية البصريات وعلوم الرؤية في جامعة نيو ساوث ويلز أن هناك جزءًا وراثيًا في تطور قصر النظر، لكن التغيرات البيئية قد ساهمت بشكل كبير في انتشاره. وتقول: “إن هناك تغيرات كبيرة في بيئتنا، ويمكن أن يكون الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات عاملًا خطرًا على تطوير قصر النظر لديهم”.
وتشير دراسات إلى أن قصر النظر يتسارع، حيث تتطور العين بسرعة أكبر من المعدل الطبيعي، مما يؤدي إلى تقديم الرؤية لمسافات بعيدة بشكل غير واضح. ورغم أنه يمكن تصحيح الرؤية بواسطة النظارات أو العدسات اللاصقة، إلا أنه لا يمكن عكس قصر النظر بشكل نهائي.
تُشير البروفيسورة جالبير إلى أن العلاجات الحديثة، مثل التصحيح البصري، يمكن أن تعاون في تحسين شكل العين مؤقتًا، ولكنها لا تقضي على قصر النظر وتكون مفيدة فقط في تباطؤ تطور المرض.
وعلى الرغم من وجود علاجات تساعد في تباطؤ تطور قصر النظر، تحمل هذه الحالة مخاطر كبيرة، حيث يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بحالات عينية خطيرة مثل الجلوكوما وفصل الشبكية والجراحة المياهية وتحلل الشبكية البصرية القصيرة، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى العمى.
وللوقاية من تأثير الشاشات الرقمية على العينين، تنصح البروفيسورة جالبرير باتخاذ إجراءات وقائية، مثل تقليل وقت استخدام الشاشة وفقًا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية، وتشجيع الأطفال على قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق. كما تشدد على ضرورة إجراء فحوصات منتظمة للعيون واتباع توجيهات للحفاظ على صحة العينين، وذلك للتقليل من مخاطر تطور قصر النظر.