كشف فريق دولي من العلماء بقيادة جامعة ساوثهامبتون عن أن تفكك الصفائح التكتونية يمثل القوة الدافعة الرئيسية وراء تكوين واندلاع الصهارة الغنية بالماس في أعماق الأرض.
تُعتبر النتائج التي تم التوصل إليها من قبل هذا الفريق خطوة هامة نحو تحسين صناعة التنقيب عن الماس وتحديد المواقع المحتملة للعثور عليه.
ويتكون الماس تحت ضغوط عالية في العمق ويمتد عمره لمئات الملايين أو حتى مليارات السنين، وعادة ما يوجد في صخور بركانية تُعرف باسم الكمبرلايت. تم اكتشاف الكمبرلايت في أقدم وأكثر أجزاء القشرة الأرضية سمكًا وكثافة، وخاصة في جنوب إفريقيا، حيث اندلعت ظاهرة الماس في أواخر القرن التاسع عشر. ومع ذلك، لطالما كانت الطريقة التي يصل بها الماس إلى سطح الأرض غامضة حتى الآن.
البحث الجديد فحص تأثير القوى التكتونية العالمية على هذه الانفجارات البركانية على مدى مليار سنة مضت، وتم نشر النتائج في مجلة “Nature“.
تعاون فريق البحث من جامعة ساوثهامبتون مع باحثين من جامعات برمنغهام وبوتسدام ومركز الأبحاث الألماني GFZ لعلوم الأرض وجامعات بورتلاند وماكواري وليدز وفلورنسا وكوينز في أونتاريو.
وقال الدكتور توم جيرنون، الأستاذ المساعد في علوم الأرض والمؤلف الرئيسي للدراسة: “تظهر النتائج أن تكوين الماس يتبع نمطا دوريا يحاكي إيقاع تجمع وتفكك القارات على مر الزمن، وهو أمر كان غامضا حتى الآن، بعد مرور ملايين أو حتى مليارات السنين تحت سطح الأرض على بعد 150 كيلومترًا”.
وللكشف عن العملية التي تسبب في اندلاع الماس فجأة، استخدم الفريق التحليل الإحصائي، بما في ذلك التعلم الآلي، لدراسة العلاقة بين تفكك الصفائح التكتونية والبراكين التي تحتوي على الكمبرلايت. وأظهرت النتائج أن ثوران معظم براكين الكمبرلايت حدث بعد 20 إلى 30 مليون سنة من تفكك صفائح الأرض.
وقالت الدكتورة ثيا هينكس، كبيرة الباحثين في جامعة ساوثهامبتون: “استخدام التحليل الجغرافي المكاني أظهر أن ثورات الكمبرلايت تهاجر تدريجيا من الحواف القارية إلى المناطق الداخلية عبر الزمن بمعدلات متسقة عبر القارات”.
هذا الاكتشاف دفع العلماء إلى استكشاف العملية الجيولوجية التي تقود هذا النمط، واكتشفوا أن عباءة الأرض تتعطل بسبب تصدع القشرة، حتى على بعد آلاف الكيلومترات. وقال الدكتور ستيفن جونز، الأستاذ المساعد في أنظمة الأرض في جامعة برمنغهام: “تأثير الدومينو يمكن أن يفسر كيف يؤدي تفكك الصفائح التكتونية إلى تكوين صهارة الكمبرلايت”. وأثناء الصدع، تتعطل رقعة صغيرة من الجذر القاري وتغرق في الوشاح أدناه، مما يؤدي إلى سلسلة من أنماط التدفق المماثلة تحت القارة القريبة.
وأجرى الدكتور ساشا برون، رئيس قسم النمذجة الجيوديناميكية في GFZ Potsdam، عمليات محاكاة لتحقيق فهم أفضل لكيفية تطور هذه العملية. وقال: “أثناء انتشارها عبر الجذر القاري، تقوم هذه التدفقات التخريبية بإزالة كميات كبيرة من الصخور بسمك عشرات الكيلومترات من قاعدة الصفيحة القارية”.
وتواكب معدلات الهجرة التقديرية في النماذج مع ما لاحظه العلماء من سجلات الكمبرلايت. وأضاف الدكتور جيرنون: “من الملفت للنظر أن هذه العملية تجمع بين المكونات اللازمة بكميات مناسبة لتحفيز الذوبان بشكل كافٍ لتكوين الكمبرلايت”.
وتساهم أبحاث هذا الفريق في تحديد المواقع والتوقيتات المحتملة للانفجارات البركانية السابقة المرتبطة بهذه العملية، مما يوفر رؤى قيمة لاكتشاف رواسب الماس في المستقبل.
وأوضح الدكتور جيرنون، الذي حصل مؤخرا على منحة خيرية من مؤسسة WoodNext لدراسة العوامل التي تساهم في التبريد العالمي مع مرور الوقت: “تسلط الدراسة الضوء أيضا على كيفية تأثير العمليات في عمق الأرض على الظروف البيئية والمناخية على سطح الأرض، وليس فقط على إعادة تنظيم الوشاح، بل قد تؤثر أيضا بشكل عميق على بيئة سطح الأرض ومناخها”. وبالتالي، قد يكون الماس جزءًا فقط من السرد.