الوئام- خاص
تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة وسط مساعٍ عربية لا تنقطع في إبرام سلام يصون حقوق الفلسطينيين ويوقف نزيف الدم الفلسطيني، على الجانب الآخر، انضم وزراء في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست إلى مسيرة في القدس، الأحد، تُطالب بإعادة توطين اليهود الإسرائيليين في غزة، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، فما تأثير تلك الدعوات على تحركات التهدئة وفرص السلام؟
يقول الدكتور حسن مرهج، الباحث الفلسطيني والمحاضر في كلية الجليل بالناصرة: “المسيرة تُمثِّل تصعيدا خطيرا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويعتبر هذا التحرّك إجراءً استفزازيا للفلسطينيين والمجتمع الدولي، الذي يُعارض بشدّة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، إضافةً إلى أن المسيرة تزيد من التوترات في المنطقة، ممَّا يجعل الحل السلمي للصراع أكثر صعوبة، وبصرف النظر عن المسيرة وانضمام الوزراء إليها، فالموضوع يُنظَر إليه ضمن سياق تاريخي، ولا يمكن فصل ذلك بأي حال من الأحوال عن الحرب الأخيرة”.
ويضيف حسن مرهج، في حديث خاص لـ”الوئام”: “يمكن القول إن حركة الاستيطان الإسرائيلية، التي كان يُنظر إليها ذات يوم على أنها مجموعة هامشية، هي اليوم تُمسك بزمام السلطة، كما أن خطط التطهير العرقي وإعادة التوطين في غزة كانتا تحتاجان إلى أمرين فقط: حرب كبيرة وحكومة متطرّفة، وهذا ما نشاهده اليوم”.
ويوضّح المتحدّث ذاته: “جذور الغزو الإسرائيلي الحالي لغزة والتطهير العرقي لسكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يعودان إلى ما قبل عقدين من الزمن، وقبل وقت طويل من 7 أكتوبر، منذ أن أمر آرييل شارون، رئيس الوزراء آنذاك، بإخلاء وتفكيك كتلة غوش قطيف الاستيطانية في غزة عام 2005، حيث واصل أعضاء حركة الاستيطان الدينية في إسرائيل التخطيط للعودة إلى ما يزعمون أنها أرض وهبها الله لهم، ورغم أن شارون هو مَن وضع خطة فك الارتباط عن غزة لضمان استمرار الاستيطان والسيطرة العسكرية للضفة الغربية، فإنّ حركة المستوطنين الدينية نظرت إليه باعتباره خائنا لتخلّيه عن الأرض اليهودية”.
ويتابع الخبير الفلسطيني أنه “لعقود من الزمن، عاش نحو 8 آلاف مستوطن يهودي مرفّهين على الأراضي الفلسطينية في غوش قطيف، مستخدمين أغلب مياه غزة وأفضل الأراضي الزراعية، ومحاطين بأكثر من مليون فقير فلسطيني يعيشون في مخيمات اللاجئين المكتظة، وفي 7 أكتوبر الماضي، شنّت حركة حماس هجوما على إسرائيل، وهنا اغتنمت إسرائيل الفرصة وبدأت حملة قصف واسعة النطاق على غزة، وحينها اعتبر نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون، أنه لا يجب على سكان غزة الذهاب إلى جنوب غزة فحسب، بل عليهم الفرار إلى مصر”.
ويرى الأكاديمي الفلسطيني “أن هذه الدعوات ترافقت مع نشر وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تقريرا أُعد قبل 7 أكتوبر، أي قبل عملية ‘طوفان الأقصى’، يُوصي باحتلال غزة ونقل سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، مع الإصرار على عدم السماح لهم بالعودة أبدا”.
ويختتم حسن مرهج حديثه قائلا: “يمكن تحليل انضمام الوزراء إلى مسيرة في القدس بأنّه يعكس التوجّه السياسي للحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست نحو تعزيز الاستيطان والتوسّع في المستوطنات بالضفة الغربية، وذلك على حساب حقوق الفلسطينيين وسيادتهم على أراضيهم، كما يعكس هذا الانضمام رغبة الحكومة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها السياسية والاستيطانية بأي وسيلة ممكنة، وبغض النّظر عن التداعيات السلبية لذلك على العلاقات مع الفلسطينيين والمجتمع الدولي”.