باحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، وخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي.
مع استمرار التوترات بين روسيا وأوكرانيا، يثير تصعيد محتمل قلقاً متزايداً في الأفق، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في روسيا. الأحداث الأخيرة شهدت تصاعداً في العمليات العسكرية، حيث أعلنت أوكرانيا عن إسقاط تسع طائرات مسيرة أطلقتها قوات مجهولة في جنوب ووسط البلاد، مما أدى إلى حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي وأضرار في المنازل في عدة مناطق، بما في ذلك مسقط رأس الرئيس الأوكراني.
تلك الأحداث المؤسفة تأتي في سياق استمرار تدفق المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك تسليم القوات الأوكرانية صواريخ جافلين من قبل إستونيا، مما يؤكد على استعداد الدول الغربية لتقديم الدعم العسكري لكييان أوكرانيا في حال تصاعد الصراع. وفي هذا السياق، فإن تطورات الأشهر القليلة المقبلة قد ترسم ملامح مستقبل الصراع بين البلدين، مع تأثير محتمل على الانتخابات الرئاسية في روسيا والتي قد تزيد من التوترات والمخاطر في المنطقة بأكملها.
بينما يوشك الصراع في أوكرانيا على دخول عامه الثالث، تترقب الأنظار تطورات محتملة قد تشكل مفاتيح المستقبل القريب والبعيد للصراع بين البلدين. يظهر الوضع الحالي أن الخطوط الأمامية تحركت بصعوبة خلال الأشهر القليلة الماضية، مما يثير تساؤلات حول احتمال تغير مسار الحرب في عام 2024.
اعترف الرئيس فولودومير زيلينسكي بأن الهجوم الربيعي الذي شنته أوكرانيا لم يحقق النجاح المأمول، وهو ما يظهر تحديات الوضع الراهن. على الرغم من ذلك، فإن روسيا لا تزال تسيطر على نحو 18 في المئة من مساحة أوكرانيا، مما يشير إلى استمرار الصراع وعدم وجود حلول سريعة.
لفهم السياق الحالي وتوقعات تطورات الأحداث في الأشهر القادمة، وبالرغم من التوقعات المتفائلة التي تشير إلى استمرار الحرب ولكن بمسار غير محدد، إلا أنه لا يمكن استبعاد سيناريوهات أخرى.
قد تحاول القوات الروسية استمرار الهجوم على طول الجبهة في الأشهر القادمة، ربما بغرض تأمين مناطق معينة مثل دونباس وأيضا لتحرير كل المناطق التي ضمنها روسيا هي المقاطعات الاربعة، بينما قد تسعى أوكرانيا إلى استغلال الفرص المتاحة لتحقيق تقدم عسكري في مناطق أخرى.
وبما أن الحرب في أوكرانيا تصبح أطول وأكثر إيلامًا، يصبح الاعتماد على التمويل والدعم العسكري الغربي أمرًا حاسمًا لإبقاء أوكرانيا قوية في المواجهة، مع التزام الأخيرة ببناء القوة العسكرية الجوهرية لتحرير أجزاء من أراضيها في المستقبل.
وبالنظر إلى القوات الروسية، فإن زيادة ميزانيتها العسكرية بثلاثة أضعاف منذ عام 2021 تعكس استعدادها للاستمرار في الصراع بقوة، مما يتطلب من أوكرانيا والدول الغربية التصدي بحزم وتنظيم لمواجهة هذا التحدي.
وفيما يتواصل الصراع على الأرض، يبقى السؤال حول إمكانية التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض قائمًا، على الرغم من الرفض الحالي من كلا الطرفين. إن العام 2024 قد يكون عامًا محوريًا في تشكيل ملامح الصراع وتحديد مستقبل العلاقات بين البلدين.