دكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة مانشستر. مهتم بالكتابة والتأليف والترجمة في مجالات الاستراتيجيا والقيادة والأدب.
عندما فرغت من قراءة كتاب (القيادة العليا: الجنود ورجال الدولة والقيادة في زمن الحرب) لمؤلفه (إليوت كوهين)، تأملت بوضوح العلاقة شديدة التعقيد والحساسية بين القيادة الاستراتيجية والقيادة التكتيكية، خصوصاً في زمن الحرب، حيث تبرز الخلافات وتكون على أشدها بين الطرفين.
وصلت إلى أن أفضل ضابط في المستوى التكتيكي ليس بالضرورة أن ينجح في القيادة على المستوى الاستراتيجي، فهذا ميدان وذاك ميدان آخر، يختلف تماماً. متطلبات المستوى التكتيكي ترتكز على البراعة في استخدام الأدوات المحدودة المتاحة بين يديه، لتحقيق النصر في معركة محددة بنطاق جغرافي معين، وفي وقت معين، وهذا النصر مهم جداً، لايشك في ذلك أحد. لكن الانتصار في معركة، لايعني كسب الحرب، التي تتطلب قائد استراتيجي ينظر للمشهد الكامل ويتفهم محددات القيادة السياسية التي قد لاتعطيه ما يرجو من المساحة الكافية للتصرف كما يريد. ليس لانهم لايريدون، ولكن، لأنهم ينظرون لاستخدام القوة العسكرية كإحدى الأدوات التي يستخدمونها مكرهين وبقدر معين، لتحقيق غاية الحرب.
الحرب لدى القائد التكتيكي هي كل شيء لتحقيق الغاية، ويحتاج أن ينظر لها بهذه الطريقة حتى يقنع نفسه ومرؤوسيه بضرورة الحماس والاندفاع تجاه دحر العدو وسحق قواته. لكنها لدى القيادة السياسية احدى الأدوات المساعدة، الى جانب استخدام أدوات أخرى كالاقتصاد والدبلوماسية.
هنا تبرز الحاجة الى وجود القائد العسكري الاستراتيجي الذي يوازن بين هاتين النظرتين ويعمل من أجل أن تتكامل مع بعضها ويتدخل بحصافة وحكمة لمعالجة اي تعارض بينهما، بحيث يحافظ على حماس القادة التكتيكيين ويستجيب بمرونة لمتطلبات القيادة السياسية.