تُوّجت زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى القاهرة، الأربعاء، انتهاء أطول فترات الخلاف المصري – التركي في القرن الحادي والعشرين، بعد قطيعة استمرت أكثر من 11 سنة.
جاءت الزيارة تتويجًا لجهود دبلوماسية استغرقت عامين من أجل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وشهدت العلاقات المصرية – التركية توتراً دام لسنوات بعد الإطاحة بالملكية على أثر ثورة 23 يوليو 1952، لكن العلاقات الدبلوماسية تعززت إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك حتى مطلع 2011.
ومع وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في مصر عام 2012، ازدهرت العلاقات بين البلدين، لكن سرعان ما تدهورت بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في “ثورة 30 يونيو” 2013.
واصفًا عزل مرسي بـ”الانقلاب غير المقبول”، تسببت تصريحات إردوغان في توتر دبلوماسي انتهى بطرد السفير التركي من مصر عام 2013.
تعمقت الخلافات بين البلدين على 3 محاور:
استكشافات الغاز في البحر المتوسط، والتعاون المصري اليوناني القبرصي.
التدخلات التركية في ليبيا، التي عدّتها مصر تهديداً للأمن القومي.
احتضنت تركيا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة “إرهابية” في مصر، وبثت قنوات مناهضة للنظام المصري.
بدأت الاتصالات الدبلوماسية المعلنة بين القاهرة وأنقرة منذ مارس 2021. وتصافح الرئيسان المصري والتركي للمرة الأولى في نوفمبر 2022، تلتها زيارة وزير الخارجية المصري لأنقرة لدعم تركيا بعد الزلزال المدمر.
ومهدت زيارة وزير الخارجية التركي السابق جاويش أوغلو للقاهرة في مايو الماضي، الطريق أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لتُتوّج بزيارة إردوغان للقاهرة اليوم.
تفتح هذه الزيارة آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتُنهي صفحة من التوتر والقطيعة.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 11 عاماً.
واعتبر مراقبون الزيارة “نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، تدفع نحو تعزيز مسار التطبيع والمصالحة”.
ورحب الرئيس المصري، خلال مؤتمر صحفي بقصر الاتحادية الرئاسي، بنظيره التركي، في القاهرة.
وقال إن “الزيارة تفتح صفحة جديدة بين بلدينا بما يثري علاقاتنا الثنائية، ويضعها على مسارها الصحيح”.
وأعرب عن “تقديره للعلاقات التاريخية بتركيا، والإرث الحضاري والثقافي المشترك” بين القاهرة وأنقرة.
كما أعرب السيسي عن تطلعه لتلبية دعوة إردوغان لزيارة تركيا في أبريل المقبل.
وشهدت العلاقات المصرية – التركية خلال الأشهر الماضية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر.
وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة إردوغان والسيسي خلال افتتاح المونديال بقطر في نوفمبر عام 2022.
وأعلن البلدان في يوليو الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء.
وأشار الرئيس المصري إلى “استمرار التواصل الشعبي بين البلدين خلال السنوات العشر الماضية، إضافة إلى نمو مطّرد في العلاقات التجارية والاستثمارية”.
وأوضح أن “مصر حالياً هي الشريك التجاري الأول لتركيا في أفريقيا، كما أن تركيا تعد من أهم مقاصد الصادرات المصرية”.
وتعهد برفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وتعزيز الاستثمارات المشتركة، وفتح مجالات جديدة للتعاون.
وشهد الرئيسان المصري والتركي التوقيع على عدد من الاتفاقيات وعلى الإعلان المشترك حول إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
وتناولت المباحثات “العديد من التحديات المشتركة، مثل خطر الإرهاب، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الواقع المضطرب في المنطقة”.
وتوافق الرئيسان المصري والتركي على “ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشكل فوري، وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية حتى يتسنى استئناف عملية السلام”.
كما أكد السيسي على “ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول الملف الليبي، بما يساعد على عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتوحيد المؤسسة العسكرية بالبلاد”.
ورحب الرئيس المصري بالتهدئة الحالية في منطقة شرق المتوسط، داعياً إلى “البناء عليها وصولاً إلى تسوية الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة بالمنطقة”.
وتطرق الرئيسان إلى أوجه التعاون المشترك في أفريقيا، مؤكدين على “دعم مساعي القارة للتنمية وتحقيق الاستقرار والازدهار”.
وأشار الرئيس التركي إلى “إمكانية تطوير علاقات بلاده العسكرية بمصر، إضافة إلى مجالي الطاقة والسياحة”.
وتعهد بزيادة حجم التبادل التجاري مع مصر إلى 15 مليار دولار، ورفع استثمارات بلاده في مصر إلى ثلاثة مليارات دولار.
ووصف إردوغان الأحداث في غزة بـ”المأساوية”، مشيراً إلى أن الحرب في غزة “تصدرت مباحثاته مع السيسي”.
وأكد على “ضرورة العمل المشترك مع مصر لإيقاف إراقة الدماء في غزة، وإعادة إعمارها على المدى المتوسط”.
ودعا المجتمع الدولي إلى “عدم السماح بتطهير قطاع غزة من سكانه، ووقف نقل مجازر الاحتلال إلى رفح”.