تعيش البلاد تلك الأيام رحلة عبر الزمان في تاريخ الأجداد، ولكن بحاضر مشرق على كافة الأصعدة وبالأخص الاقتصادية، حيث حققت المملكة خلال السنوات الماضية العديد من النتائج الإيجابية دولية رغم موجات الأزمات التي ضربت الساحة العالمية بداية من فيروس كورونا حتى الحرب الروسية الأوكرانية.
صعاب وتحديات اقتصادية على مرور الزمان نجحت المملكة في تخطيها، ولكن كيف واجه الأجداد تلك التحديات في مراحل التأسيس الأولى؟.
اقرأ أيضًا: ثلاثة قرون من المجد
في الإجابة تقول الدكتورة مها علي آل خشيل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إن الحياة الاقتصادية قبل مرحلة التأسيس الأولى كانت انعكاسًا للأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية السائدة آنذاك، فكانت الحياة تعتمد على موارد محدودة، ومخاطر عديدة تعترض طريق التجارة، فضلًا عن موجات القحط والجفاف التي تصيب المنطقة بين آن وآخر، فينتج عنها فناء الزرع والضرع.
وتُضيف آل خشيل، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن هذه الصورة تغيرت بعد تأسيس الدولة السعودية الأولى، رغم التحديات الكبيرة، مثل قلة الموارد، واتساع مساحة الدولة التدريجي، الذي يعني متطلبات إضافية لتأمينها، ولكن نرى أن أئمة الدولة السعودية الأولى قاموا بأعمال نتج عنها تجاوز التحديات.
وتُؤكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أنه في المقام الأول كان تأمين الطرق التجارية مهمة أساسية من مهام الدولة، وأصبح الأمن مضرب المثل، ولم يعد هناك من يجرؤ على اعتراض قافلة تجارية، أو حتى الإبل التي ترعى لوحدها.
كما عمل أئمة الدولة السعودية على تشجيع التجارة، وتأمين القوافل التي تمر عبر الطرق الدولية المارة بأراضي الدولة السعودية، واستضافة القوافل التجارية في الدرعية، فينشط التبادل التجاري، وأصبح سوق الدرعية في حآل من الازدهار بحيث أنه كان يضم تجار من كل المناطق سواء من داخل الدولة السعودية أو من خارجها.
اقرأ أيضًا: من التأسيس إلى التطوير.. رحلة التحول والتمكين الرقمي في المملكة
وأوضحت الدكتورة مها آل خشيل، أنه من جهة أخرى تأسس نظام مالي متطور يلبي تطور الدولة واتساع مساحتها، وكان النظام المالي يتمثل في موارد ومصارف، وكانت الزكاة الشرعية من أهم الواردات، كما عملت الدولة آنذاك على ضبط الأسواق، ومحاربة الغش، وتنظيم التجارة، وفتح طرق تجارية جديدة لعبور البضائع المستوردة، وأشار أحد المؤرخين الأجانب بـأن هذا دليل على أن السعوديين يتحلون بفكر تجاري حر.
وتُضيف، أنه من نتائج الاستقرار والأمن أن ازدهرت الأنشطة الاقتصادية الأخرى، كالرعي وتربية المواشي، وازدهرت الحرف اليدوية، ونشط التبادل التجاري الداخلي بين مناطق الدولة السعودية الأولى التي أصبحت جميعها تحت راية واحدة وإمام واحد، فبالتالي زالت الحواجز التي كانت ترهق التجارة؛ وبهذا تحولت حالة العوز إلى حآل من الازدهار وثقتها المصادر، كما تحدثت عن الرخاء الذي كانت سمة بارزة في الدولة خاصة في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز.