د. سالم اليامي
“مستشار سابق بوزار الخارجية، كاتب وباحث في العلاقات الدولية. كاتب رأي في الصحافة الوطنية منذ 2012”.
على مدى يومين أبدت الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات دولية تابعة للأمم المتحدة وتعنى بالشأن الإنساني والإغاثي اهتمامًا بتطورات الأوضاع في السودان، البعض فسَّر هذا الاهتمام الملحوظ والتعليقات الصادرة عن الأمم المتحدة وعن وزارة الخارجية الأمريكية بأنه يمثِّل حالة التفات للشأن السوداني، الذي اعتقد البعض أن الأحداث في غزة ذهبت به إلى منطقة الاهتمام الثاني أو الأقل أهمية.
الغريب في الأمر أن هناك ملاحظات دقيقة ضد طرفي الصراع في السودان؛ قوات الجيش بقيادة الفريق البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق حميدتي، حيث أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى مسؤولية الجيش السوداني عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق خاصة تلك التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، كما كان هناك إشارة واضحة أن الجيش مسؤول عن منع دخول المساعدات من على طرف الحدود التشادية.
الجيش حاول تبرير موقفه أن قوات الدعم السريع تعتدي وتنتهك وتقتل وتسرق الناس في كل مكان علاوة على سيطرة قوات الدعم السريع التام على منطقة الحدود مع تشاد، وهذا تبرير من الجيش واعتراف في ذات الوقت بدون قصد أن الدعم السريع موجود ومسيطر على مساحات ومناطق واسعة من البلاد رغم تكرار قيادات الجيش أنهم يسحقون الدعم السريع هنا وهناك.
مشكلة قطع الاتصالات الهاتفية وتعطيل خدمات شبكات الإنترنت كان أحد الموضوعات التي ركزت عليها المنظمات الدولية في تقاريرها حيث تعطلت على إثر انقطاع الاتصالات كل الخدمات الضرورية التي تقدمها المنظمات المتخصصة، وأهم من ذلك حدث انقطاع بين فرق الإغاثة التي ذكرت بعض الجهات أنها تتعرض للمنع والعرقلة لحركتها.
المنظمات الأممية أكدت أن طرفي النزاع أقدما على استخدام أسلحة واسعة التدمير، وأنها هذه الأسلحة أحدثت أضراراً خصوصًا في الأماكن التي يشكل وجود المدنيين فيها كثافة عالية، المنظمات الاممية وتبعاً لأنها ترى أن هذه الانتهاكات بحق المدنيين جسيمة ترى ضرورة أن يُقدّم المسؤولون عمّا سمّته بجرائم الحرب للعدالة، الأمر الذي يعقد المشهد في السودان لأن ذلك قد يعيد الأمور إلى نقطة العقوبات والملاحقات القانونية الدولية.
التقارير الدولية الرصينة تقول إن الأوضاع في السودان خطيرة على المدنيين خصوصًا وترى أن توجه طرفي النزاع نحو السلام والحلول السلمية ضعيف، بل لا يكاد يذكر في الوقت الذي ترى فيه مؤسسات إغاثية متخصصة أن المدنيين سيكونون بحاجة إلى إغاثة عاجلة لأكثر من 25 مليون إنسان أي أكثر من نصف السكان في البلاد الذي يقدر بنحو 48 مليون نسمة حسب الإحصاءات الأخيرة.
بارقة الأمل الوحيدة التي أعلن عنها من جانب الجيش هي مبادرة أو خطة النائب الحالي لرئيس مجلس السيادة السيد مالك عقار التي قال فيها إنه ومع الرئيس الأوغندي سيطلقان خطة لوقف الحرب نهائياً، الشكوك كثيرة حول كل ما يدور ولا أحد يعرف هل ما يحدث اهتمام حقيقي سيوقف النزاع أم مجرد اهتمام عابر لا أكثر.