تعدّ الترجمة ناقلا قويا للمعرفة بين مختلف الثقافات والمعارف، كما أنها اقتباس لمعادن الحضارة وأداة من أدوات التنوير والتثقيف، تمهّد للاحتكاك المعرفي والتنويري بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، ليكون الالتقاء المثمر بعيدا عن التجاذبات والصراعات.
وعن أهم المعضلات التي تواجه الترجمة في النقل بين مختلف الثقافات، يقول الأديب والشاعر إبراهيم الجريفاني: “جناية الأعمال الإبداعية التي تُرتكب هي الترجمة، لأن الترجمة لا تعني التحدّث باللغة، وهو ما يقع فيه الكثير حين يلجأون لترجمة أعمالهم؛ فالترجمة الأدبية غير الترجمة الطبيبة والسياسية والمقالات العلمية، وقبل الخوض في منهاج الترجمة لا بد من توفّر عنصر فهم اللغة الأدبية العربية ودلالتها وتمكّن المترجم من اللغة الأدبية للغة المُراد الترجمة إليها”.
ويُضيف إبراهيم الجريفاني، في حديث خاص لـ”الوئام”: “مِن تجاربي حين تُرجمت أعمالي إلى لغاتٍ عدة؛ منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والتركية، تعرّضت لمواقف أوضحت عدم فهم المترجم لعمق اللغة العربية، وأيضا عدم إلمامه باللغة الأدبية للغة الأخرى، وهذا تسبّب في فهم خاطئ للمفردة، وبالتالي تشويه للصورة الشعرية”.
ويُتابع: “مِن هنا يتوجَّب الحذر عند الانتقاء للترجمة الأدبية، ففي رأيي أن الترجمة الصحيحة تُضيف للعمل الإبداعي عند نقل الصورة بشكل صحيح، فالترجمة لا تخضع للترجمة الحرفية للكلمة، إنما المترجم الأديب مَن يعي معنى المفردة ويستخدم الموازي لها عند المتلقّي”.
ويختتم الجريفاني حديثه قائلا: “بنظرة للأعمال الأدبية العالمية المترجمة إلى اللغة العربية، نستطيع أن نميّز بين النّص الأصلي ولغته وبين ركاكة الصيغ عند الترجمة، فليس كل مَن يتحدّث لغة يستطيع الترجمة، فالعمل الأدبي أمانة لا بد من الوثوق في كفاءة المترجم وحسّه الأدبي، ولا ننسى برامج الترجمة في الفضاء الإلكتروني ومستواها والتي يتوجّب عدم اللجوء إليها في ترجمة الأعمال أو المقالات، فهي مناسب لمفردة أو سطر مع ضرورة وعي مَن يقرأ”.