تتزايَد المخاوف من اندلاع حرب شاملة داخل لبنان بين إسرائيل وحزب الله، وذلك عقب تصاعد الأحداث مؤخّرا في جنوب لبنان.
تراجُع احتمال الحرب الشاملة
يقول الدكتور محمد الرز، المحلل السياسي اللبناني، إنّ “الحرب الشاملة بين لبنان والكيان الإسرائيلي تراجعت احتمالاتها في ضوء الهدنة التي ستتوصّل إليها الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، ومِن المتوقّع إبرامها في موعد أقصاه العاشر من مارس المقبل، حيث سيتم وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما يجري خلالها تبادل الأسرى، وإذا كانت هناك معالجات تجري لحل عقدتَي المدة الزمنية وعدد الأسرى الفلسطينيين، حيث تطالب المقاومة الفلسطينية بوقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى بنسبة 40 فلسطينيا مقابل إسرائيلي واحد، فإن أجواء التمهيد للتهدئة بدأت تخيّم على ميادين المعارك، وبديهي أن تتواكب جبهة لبنان مع جبهة غزة، فهي في الأصل اشتعلت كجبهة مساندة”.
مناورات بين الأطراف
ويُضيف الرز، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن “وزراء من إسرائيل هدّدوا باستمرار الحرب مع لبنان حتى لو توقّفت في غزة، إلا أنّ إرادة المجتمع الدولي سوف تمنع هذه الحرب كيلا تؤدّي حال اندلاعها إلى عرقلة مشروع التسوية الكبرى الذي تسوقه الإدارة الأمريكية في المنطقة، وما يجري من معارك عنيفة على الجبهة اللبنانية هو تحسين كل طرف لأوراقه التي سيطرحها على طاولة هذه التسوية”.
فرض الشروط
ويشدِّد المحلل السياسي على أن “حزب الله تكبّد أكثر من 250 قتيلا وسط تدمير قرى وبلدات لبنانية وتهجير نحو 100 ألف مواطن، وبالتالي فإنه لن يرضى بالخروج من المعركة من دون ثمن، سواء فيما يخص إعادة الإعمار أو تحرير المناطق المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وأقسام من بلدتَي الناقورة والغجر، وبالتالي ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة إضافة إلى مكسب سياسي يتمثّل بإيصال شخصية غير عدائية له إلى رئاسة الجمهورية، وكذلك سيُطالب الكيان الإسرائيلي بتأمين الشريط الحدودي مع لبنان من خلال وجود الجيش اللبناني فقط وتراجع مقاتلي الحزب إلى شمال نهر الليطاني، كي تستطيع تل أبيب تأمين أكثر من 100 ألف مستوطن، ولا شك في أن الحوار بالنار الذي نشهده الآن يتوخّى من ورائه كل طرف تعزيز شروطه”.
منع الحرب وهدنة غزة
ويوضّح السياسي اللبناني أن “هذا المشهد تحاول فيه واشنطن منع الحرب على لبنان وإطالة الهدنة مع غزة، وإرساء صفقة على صعيد المنطقة تتضمّن حل الدولتين، وتحاول فيه المقاومة الفلسطينية الإبقاء على هيكلها العسكري والسياسي في غزة، والتوصّل إلى دور قيادي مع الفصائل الفلسطينية الأخرى كما يجري في موسكو، بينما تسعى حكومة نتنياهو إلى رفع عوائق بوجه حل الدولتين وإبقاء السيطرة الأمنية على غزة والضفة الغربية، وهو ما يتصادم مع المجتمع الدولي الأمريكي الأوروبي، خصوصا أن الكيان الإسرائيلي عجز عن تحقيق أهدافه بإبادة ‘حماس’ وتهجير أهالي غزة خارج فلسطين واستعادة الأسرى بالقوة، لذلك تتمركز الشكوك حول مدى استعداد الكيان الإسرائيلي للدخول في مشروع التسوية العامة واتجاهه نحو عرقلتها؛ سواء بمجازر في رفح أو بمغامرة دموية في لبنان”.