لطالما عانت السعودية من العواصف الغبارية، التي كانت تُشكل خطرًا على صحة الإنسان والبيئة والاقتصاد، لكن الأمر اختلف مؤخراً وبشكل ملحوظ.
وكشف المركز الإقليمي للتحذير من العواصف الغبارية والرملية عن تسجيل المملكة أعلى انخفاض في عدد حالات العواصف الغبارية والرملية خلال شهر يناير لعام 2024م منذ 21 عاما، بنسبة بلغت (-94 %).
وسيسهم هذا التراجع الكبير في معدل العواصف الغبارية والرملية بكثير من الفوائد الاقتصادية المهمة والتي من بينها تقليص الأضرار على القطاع الزراعي وتخفيض التكاليف التي تنفق سنويا لمكافحة سلبيات هذه النوعية من العواصف التي كانت سائدة قبل المبادرات المتعلقة بالمناخ والبيئة تحت مظلة رؤية 2030.
وأشار التقرير إلى أن هذه النتائج تأتي بعد الإسهامات الكبيرة لجهود رؤية المملكة 2030 واستمرار مساعيها تجاه العمل المناخي والاستدامة والملف المناخي وتحسين جودة الحياة وبرامج الرؤية ومبادراتها الإقليمية المتعلقة بالعمل المناخي والبيئي.
تؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة درجات الحرارة، مما يؤدي إلى جفاف التربة وزيادة احتمالية حدوث العواصف الغبارية، كما تؤدي الأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات والرعي الجائر إلى تآكل التربة وزيادة احتمالية حدوث العواصف الغبارية.
وتلعب العوامل الطبيعية مثل الرياح القوية والعواصف دورًا مهمًا في تكوين العواصف الغبارية.
تُنفذ السعودية العديد من البرامج لمكافحة التصحر وحماية التربة، وتُنظم حملات توعية لزيادة وعي المواطنين بمخاطر العواصف الغبارية، كما تُجري أبحاثًا علمية لفهم العوامل التي تؤثر على تكوين العواصف الغبارية بشكل أفضل.
ويعد الانخفاض الكبير المسجل في عدد حالات العواصف الغبارية والرملية بالمملكة مؤشرا على جدوى عدة مبادرات شملت:
– إصدار الأنظمة التي تضمن الحفاظ على البيئة والمناطق المحمية للحياة الفطرية.
– نجاح مختلف المبادرات والبرامج التي باشرتها المملكة لتحسين جودة الحياة والعناية بالمناخ والبيئة ومواجهة الظواهر الغبارية والرملية وتقليل المخاطر التي تنجم عنها ضمن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر وما يرافقهما من المبادرات والإجراءات.
– مبادرة زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة، أي ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهور
– مبادرة إشراك القطاع العام في تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر والتي تتم بالتعاون هذه المبادرة مع كيانات القطاع الخاص من خلال إطلاق برنامج زراعة وترميم مدته 10 سنوات من خلال زراعة وحماية 40 مليون شجرة محلية في المناطق الخاضعة لهذه القطاعات.
– تدشين المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر للتغلب على التحديات البيئية التي تؤثر على الغطاء النباتي، واستعادة التنوع الأحيائي، والاستفادة من الفرص المتاحة.
– مبادرة الحفاظ على الغطاء النباتي واستعادته في المراعي والتي تشمل المرحلة الأولى منها إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من المراعي، وتدشين المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر للتغلب على التحديات البيئية التي تؤثر على الغطاء النباتي، واستعادة التنوع الأحيائي.
– تدشين المركز الإقليمي للتحذير من العواصف الغبارية والرملية الذي يهدف إلى حماية البيئة من الأخطار الطبيعية ومراقبة الظواهر الغبارية والرملية والتحذير من العواصف قبل حدوثها واتخاذ كافة التدابير الوقائية للتخفيف من تأثيراتها.
– إطلاق نظام رصد الظواهر الغبارية وإعداد دراسات عن الظواهر المناخية وتأثيراتها ودعم الخطط الوطنية وتمكينها ومواجهة الظواهر الغبارية والرملية وتقليل المخاطر الناجمة عن العواصف وتغطية المستويين الوطني والإقليمي.
وقال أستاذ المناخ بجامعة القصيم “سابقاً”، نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ السعودية الدكتور عبدالله المسند، إن العواصف الغبارية تعتبر أسوأ مظهر جوي يؤثر سلباً على السعودية وعلى المنطقة بصفة عامة، على مستوى المزاج، والصحة، والتعليم، والعمل، والسياحة، والسفر، والتجارة، بل حتى يؤثر على الحيوانات والنباتات كما ثبت هذا علمياً، ومخاطر العواصف الغبارية عديدة، وسلبياته كثيرة.
وأضاف في تغريدة عبر حسابه على منصة “إكس”: “بفضل الله ورحمته باتت العواصف الغبارية في السنوات الثلاث الأخيرة قليلة، بل لم يسجل ـ ولله الحمد ـ خلال عام 2023 أي عاصفة رملية تُذكر في مدينة الرياض، وينسحب هذا بالضرورة على كثير من مدن ومحافظات السعودية.
وأكد أن رؤية السعودية 2030 سارعت في معالجة التدهور البيئي في أراضينا، وذلك عبر التوسع في نشر المحميات الطبيعية والتي باتت تغطي ما نسبته 14% من مساحة السعودية، ومعظمها في المناطق الشمالية، وأجزاء من شرقي الوسطى، وهي بالمناسبة موضع تشكل العواصف الغبارية عادة، وهذه المحميات ساهمت في منع الرعي الجائر، والاحتطاب، وأيضاً حرث التربة بواسطة سيارات المتنزهين، ودهس الغطاء النباتي، مما جعل التربة متماسكة نسبياً، عبر انتشار البذور، واتساع رقعة الربيع عاماً بعد عام، حتى أصبحت القشرة الأرضية أكثر صلابة ومقاومة للرياح مما حد من انتشار الغبار.
وأشار إلى أن توالي المواسم المطيرة خلال السنوات الأخيرة، ساهم في انتشار الربيع في نطاق المحميات وخارجها.
وأوضح أن الهوائية الباردة ولا الدافئة والقادمة مع المنخفضات المتوسطية تأتي بالقوة والقدر الذي اعتدنا عليها.