د. سالم اليامي
مستشار سابق بوزار الخارجية، كاتب وباحث في العلاقات الدولية. كاتب رأي في الصحافة الوطنية منذ 2012.
بعد نحو خمسة أيام من استهداف ميليشيات يقال بأنها تابعة للحرس الثوري الإيراني لنقطة تجمع جنود أمريكان على الحدود السورية الأردنية راح ضحيتها ثلاثة جنود أمريكيين وجرح أكثر من ثلاثين جندي أمريكي، جاء الرد أو الانتقام الأمريكي مدوياً عبر ضربات لمقرات ميليشيات عراقية منتشرة بين العراق وسوريا ويقال انها تابعة للحرس الثوري الإيراني، الرد الأمريكي كان محل انتقاد من البعض حتى من الجانب الأمريكي حيث وصف الرد بأنه رد ميت وانتقام بارد يعكس ضعف الإدارة الأمريكية الحالية وبررت جهات سياسية وإعلامية أمريكية انتقادها للرد أو الضربة الأمريكية بأنها تأخرت اكثر مما يجب ، وأن الخصم استعد بشكل سريع حيث نقلت الأخبار أن الجانب الإيراني سحب عدد من مستشارية في سوريا خاصة أصحاب الرتب الرفيعة في فيلق القدس الذين أصبحوا مادة دسمة للصواريخ والمقذوفات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة.
في الجانب الآخر هناك من يرى بأن الرد الأمريكي الذي أبدى قوة وتركيز في جولته الأولى سيستمر بحسب تصريحات المسؤلين الأمريكيين وما هذه إلا البداية، ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأن الميليشيات التابعة للحرس الثوري ستشهد انكماشاً إلى ماوراء الحدود العراقية السورية حيث تسيطر على هذه المنطقة القوات الأمريكية، يضاف إلى ذلك الخوف الإسرائيلي من هذه الميليشيات لدرجة أن إسرائيل تبادر غالباً بتدمير إي قوة ميليشياوية تجتاز الحدود العراقية مع سوريا بمقدار كيلو متر واحد.
واحدة من القصص العجيبة والنادرة الحدوث في علاقات الدول أن تكذب دولة دولة أخرى بشكل علني، وهذا ما رصده غير مراقب من تصريح مسؤلين أمريكيين بأن حكومة بلادهم أحاطت، وأخبرت الحكومة العراقية بوقت الضربة ، كجزء من التنسيق بين البلدين الحليفين.
الأمر الذي أدخل الحكومة العراقية في حرج شديد في مواجهة الميليشيات التي تشكل ما يعرف في العراق بالحشد الشعبي الذي تذكر الحكومة العراقية في بعض تصريحاتها إلى أنه أي الحشد جزء من الجيش العراقي وأنه جسم نظامي ضمن الدولة العراقية.
الضربة الأمريكية الأولية أحدث حالة جديدة من الاحتقان في المنطقة، وأظهرت أن التجاوزات الخطيرة التي ينفذها فاعلون مادون الدولة أي ميليشيات وجماعات في المنطقة قد تصبح من الماضي، يؤكد ذلك أو على الأقل يدعم مصداقيته التصريحات المنسوبة لوزيري الدفاع الأمريكي، والبريطاني قبل الضربة بأيام قليلة والتي أكدت على سبيل المثال أن الضرر الذي يلحق بالعالم من جراء التوترات في البحر الأحمر تجاوز الأضرار المادية إلى تهديد السلم الدولي.
والكل يعرف أن أهم بنود الفصل السابع الذي يجيز للمنظومة الدولية أستخدام القوة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين هو حجر الزاوية في ميثاق الأمم المتحدة.
الحقيقة التي لا يستطيع انكارها مراقب أن المنطقة تمر بحالة من التغيرات الحادة تبدأ في فلسطين وتمر بنقاط كثيرة في المنطقة ، ويقال بأن وزير الخارجية الامريكي يستعد لزيارة المنطقة للمرة الخامسة منذ السابع من أكتوبر فما عساه يحمل هذه المرة.