د. ناهد باشطح
إعلامية ومدربة في التشافي الذاتي، بدأت الصحافة عام 1985 وحصلت على ثلاث جوائز دولية في الإعلام
فاصلة:
” لعل الدرس الأكثر أهمية هو ان المنصب لا يعطي امتيازا او يمنح قوة وانما يفرض مسؤولية”
– بيتر داركر –
****************
قالت لي صديقتي أن طفلتها تشتكي من عدم مقدرتها على تكوين صداقات في مدرستها الجديدة في مانشستر وكيف أن معلمة الفصل قالت لها: اطمئني انا صديقتها.
تذكرت هذا الموقف المسؤول من قبل معلمة إبنة صديقتي وانا اقرأ ردود الأفعال على حادثة مؤلمة قرات عنها مؤخراً حدثت في احد الدول العربية حين غدر زملاء وزميلات طالبة في الجامعة بها نتيجة خلاف بسيط وقاموا بابتزازها بعد أن صوروها دون علمها وهي تستحم في حمام غرفتها بالسكن الجامعي .
تفاصيل القصة بشعة ولست بصدد ذكرها لكني هنا أتساءل عن دور الجامعات في احتواء مشاكل الطلبة النفسية والاجتماعية حيث أن جامعة الفتاة لم تهتم بشكوى الطالبة من زملائها في الكلية ، وأياً كان أسباب المسؤولين في الكلية لموقفهم السلبي فهذا لا يعفيهم من المسؤولية حيث ان الفتاة انتقلت الى رحمة الله بسبب انخفاض حاد في الدورة الدموية ولا يعرف هل هو نتيجة انتحارها او تسميمها من قبل زملائها .
الموقف العدائي البشع من زملاء الفتاة الطالبة الضحية ليس له تفسير الا سوء التربية الأسرية انما ماهو تفسير الموقف السلبي من الجامعة!!
مشاكل الطلاب في الجامعات على مستوى العالم لا يسلم منها أي مجتمع فالطلاب يتعرضون لكثير من الضغوط النفسية في هذه الفترة الحساسة من عمرهم وان “حوالي 75٪ من مشاكل الصحة العقلية مدى الحياة تظهر بحلول منتصف العشرينيات، ما يعني أن سنوات الكلية هي وقت حرج جدًا من الناحية الوبائية”. حسب ما نشره موقع DW في 2-10- 2023
للباحثة سارة ك. ليبسون في جامعة بوسطن و في منظمة Healthy Minds Network البحثية، والتي تركز على الصحة العقلية لدى المراهقين والشباب،
وفي أمريكا اجرت عام 2022 مؤسسة غالوب ولومينا – وهي منظمة أمريكية مستقلة تركز على خلق فرص تعليمية متاحة للتعلم في مرحلة ما بعد الثانوية مسحا نشره موقع قناة CNN العربي في مايو 2023 حيث كشف الاستطلاع أن 2 من كل 5 طلاب جامعيين، 50% منهم من الطالبات، يتعرضون لضغوط عاطفية أثناء التحاقهم بالكلية، والاستطلاع اجري على 12 ألف بالغ حاصلين على شهادة الثانوية العامة لكنهم لم يكملوا دراستهم الى التخرج.
ليست النقطة المهمة ان نعترف بوجود المشاكل النفسية والاجتماعية لدى طلاب الجامعات إنما القضية هي ماهو جهد الوحدات المخصصة للدعم النفسي والإجتماعي التي لا تخلو منها أي جامعة في العالم اجمع تجاه المشكلات النفسية التي يعاني منها الطلبة والتي تنتج عن التنمر مثلاً؟
بالنسبة لمجتمعنا ، يبدو ان الدراسات التي تقيّم الخدمات التي تقدمها الوحدات المتخصصة في تقديم الارشاد النفسي والاجتماعي نادرة بينما توجد بعض الدراسات التي تسلط الضوء على المشكلات التي يعاني منها طلبة الجامعات خاصة المستجدين
ففي دراسة الدكتور ناصر بن صالح العود التي نشرتها مجلة جامعة أم القرى للعلوم الاجتماعية في مارس 2022 عن المشكلات المؤثرة على التحصيل الدراسي للطالب المستجد في الجامعات السعودية “تصور مقترح للتعامل معها من منظور مهنة الخدمة الاجتماعية”
أظهرت الدراسة على العينة العشوائية ل 207 طالب من جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية ، أن الطلاب المستجدين يواجهون مشكلات في المجالات النفسية الاجتماعية والاقتصادية والأكاديمية من أبرزها القلق من البطالة بنسبة بلغت (%83)، وبلغت أهم المشكلات الاجتماعية المرتبطة بهموم المستقبل (84%)،بينما بلغت نسبة معاناة الطلاب مع المشكلات الاقتصادية اي عدم كفاية المكافأة الجامعية (85.9) و كانت المشكلات الأكاديمية نسبتها اقل حيث بلغ الجهل بحقوق الطالب المستجد (79.3)
الشباب الجامعي يعاني من التنمر ومشكلات متنوعة من المسؤول عن حلها ؟
دور الاسرة في هذه المرحلة ليس كاف لدعم الشباب
هل تصدقون ان دراسة أجريت لمعرفة اتجاهات الشباب الجامعي السعودي حول ظاهرة التنمر الالكتروني في تويتر كشفت عن أن 90.7% من عينة البحث من الشباب الجامعي قد تعرضو الى التنمر، فاين ذهب هؤولاء بمعاناتهم ومن احتضنهم وخفف عنهم آلامهم النفسية؟!
الاهتمام لدينا منصب على المدارس وللسعودية جهود جبارة لمكافحة التنمر في المدارس كما أن مجلس شؤون الاسرة لدينا أعلن في نوفمبر 2022 عن ترؤسه للجنة خاصة لاعتماد سياسة التنمر مكونة من وزارات الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والتعليم والصحة وهيئة حقوق الانسان، لكننا لم نسمع عن تحرك واضح من قبل وزارة التعليم تجاه طلاب الجامعات الذين يعانون من التنمر او أي مشكلات نفسية .
هل تتوقع وزارة التعليم ان الصحة النفسية هي مسؤولية الاسرة اذن فلماذا وجدت الوحدات المتخصصة في تقديم الارشاد النفسي للطلبة في كل الجامعات ؟
ماهو دورها؟ وماهو أثرها في دعم طلاب الجامعات؟!
إجابات هذه الأسئلة لدى وزارة التعليم والجامعات فمن يعلق الجرس؟