يقدم البحث العالمي في مجال السعادة لنا نظرة عميقة على الوضع الراهن للشباب حول العالم، وتكشف النتائج عن تحول ملحوظ في درجات السعادة بين الأجيال المختلفة. فقد بات الشباب اليوم أقل سعادة من الأجيال الأكبر سنًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ما يمكن وصفه بـ “أزمة منتصف العمر” التي يواجهونها، وهذا الأمر يدعو إلى التفكير العميق في أسباب هذا التغيير الدرامي في تصورات السعادة.
كان من أبرز المحذرين من هذا التحول الدكتور فيفيك مورثي، الجراح العام الأمريكي، الذي أشار إلى أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يشبه إعطاء الأطفال دواءً لم يتم تحديد سلامته بعد.
يُظهر التقرير أن الحكومات قد فشلت في تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كافٍ، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
تحدث مورثي لصحيفة “الجارديان” البريطانية، حيث كشفت البيانات عن تراجع في معدلات السعادة لدى الشباب في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وأشار إلى أهمية اتخاذ إجراءات سياسية فورية لتحسين وضع الشباب وتعزيز رفاهيتهم.
وقد ذكر تقرير السعادة العالمي لعام 2024 أن الولايات المتحدة خرجت من قائمة أفضل 20 دولة سعيدة، وهو ما يعكس الوضع الصعب الذي يواجهه الشباب في هذا البلد وغيره من الدول المتقدمة.
وبالإضافة إلى العوامل الاجتماعية والثقافية، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط قد يكون له دور كبير في تدهور مستوى السعادة، حيث يمضي الشباب ساعات طويلة يوميًا على هذه الوسائل دون وعي بالآثار السلبية التي قد تنتج عنها.
التحديات الحالية تشمل أيضًا عدم المساواة في الدخل، وأزمة الإسكان، والمخاوف من الحروب وتغير المناخ، وكل هذه العوامل تلعب دورًا في تأثير مستوى السعادة لدى الشباب والأجيال الأصغر سنًا.
ومن المهم، وفق التقرير، أن تتخذ الحكومات والمجتمع الدولي إجراءات فورية لمعالجة هذه التحديات وتحسين جودة حياة الشباب، بما في ذلك إقامة بيئة آمنة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوفير فرص اقتصادية واجتماعية أفضل لهم.
وبناءً على ذلك، يجب أن تكون رفاهية الشباب وسعادتهم قضية محورية في السياسات العامة والاستراتيجيات الوطنية والدولية، ويجب على الجميع التعاون لضمان مستقبل أفضل لهذه الفئة الهامة من المجتمع.