تتميز مدينة الرياض بتنوعها العمراني وتطورها المستمر، مما ينعكس على تنوع الأنماط السكنية فيها، فمع ازدياد عدد السكان وتغير احتياجاتهم، ظهرت أنماط سكنية جديدة تختلف عن الأنماط التقليدية، لتلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع.
وتداول رواد التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يستعرض مجموعة من “الفلل” المصممة على الطراز الأوروبي في حي الورود بالرياض.
وأوضح الفيديو عدداً من الفلل تم تصميمها على طراز بيوت تاون هاوس في بريطانيا والتي تجمع ما بين البساطة والحداثة، وتتميّز بأن لكل منزل مدخل خاص وحديقة أمامية صغيرة، وعادة ما تكون كل المنازل بذات التصميم الداخلي والخارجي.
ولقي الفيديو تفاعلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فيما انقسمت التعليقات ما بين مؤيد ومعارض.
رحلة عبر الأنماط السكنية في الرياض
تأسست المملكة العربية السعودية عام 1902 م على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (رحمه الله)، بعد نجاحه في استعادة مدينة الرياض، التي كانت سابقًا تتكون من مجموعة من القرى والمستوطنات الصغيرة على طول وادي حنيفة.
كانت مدينة الرياض في تلك الفترة تتألف من سكان قليلين لا يتجاوز عددهم 14 ألف نسمة، وكانت محاطة بأسوار مبنية من الطين والحجارة، وكانت المناطق السكنية في المدينة القديمة تتكون من منازل من الطين بجوار قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبد الله (رحمه الله).
معالم حديثة
بدأت المعالم الحديثة تظهر في مدينة الرياض في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، ومن بين أبرز تلك المعالم بناء قصر المربع، الذي ساهم في تشكيل منطقة الفوطة السكنية التي ما زالت موجودة حتى اليوم، بالإضافة إلى دفع عملية التوسع العمراني للمدينة نحو الشمال وتخطي الأسوار المحيطة مع نهاية العقد، وفقاً للباحثتين سارة العيسى ونجود السديري.
كانت المنازل في ذلك الوقت تتميز بالفناء الداخلي المربع أو المستطيل الذي يحيط به الغرف، مما يساعد على تنظيم درجات الحرارة الداخلية، بالإضافة إلى وجود نوافذ صغيرة على الواجهات الخارجية للمنازل لتجديد الهواء داخل الفناء مع الحفاظ على الخصوصية.
في نهاية الخمسينيات، ظهرت أحياء جديدة في الرياض، مثل حي الناصرية ومن ثم حي الملز بعد ثلاث سنوات، كأول الأحياء المخططة، ويعتبر حي الملز مشروعًا رئيسيًا في استخدام التخطيط الحديث ونمط الشبكة للشوارع والارتدادات من جميع الجهات.
تحوّل جوهري
وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، شهدت مدينة الرياض تحولًا جوهريًا على الصعيدين الاجتماعي والحضري، مما أدى إلى تطور الصناعة الإنشائية وانتقالها من المساكن التقليدية إلى المساكن الحديثة.
تم تنفيذ عدة مشاريع ساهمت في تنشيط البيئة المعمارية، مثل مشروع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للإسكان، وظهر أسلوب معماري حديث اعتمد على العناصر التراثية والعربية الأخرى، بهدف خلق هوية إقليمية للعمارة استنادًا إلى استخدام العناصر التراثية.
منازل حديثة ذات تصميم غربي
في تسعينيات القرن الماضي، شهدت مدينة الرياض نموًا غير مسبوق في عدد السكان، مما أدى إلى إعادة النظر في خطط واستراتيجيات المدينة، ورغم ارتفاع الكثافة الحضرية، فإن أنماط المساكن والمساحات الأرضية بقيت مشابهة لنماذج البناء السابقة.
تميزت المنازل الحديثة بالتصميم الغربي الممزوج بالعناصر الثقافية السعودية، مع توفير المرافق الملائمة لاحتياجات الأسرة السعودية.
من المرجح أن تلعب العوامل البيئية والاقتصادية دورًا رئيسيًا في تشكيل أنماط الإسكان في المستقبل، بالإضافة إلى ذلك، يجب توجيه الجهود نحو فهم كيفية استغلال بيئتنا البنائية والتفاعل معها، وكيف تؤثر البنية والمواد على تجربتنا في السكن.
تحويل المساكن في الرياض يعكس التغيرات في أساليب حياتنا ومكان سكننا، من البيوت التقليدية الطينية إلى الفلل الحديثة المصنوعة من الإسمنت.