شوقية الأنصاري – كاتبة وأديبة ومشرف تربوي في وزارة التعليم
خطوات متّصلة لا تنقطع لأجل صون التاريخ والتراث في شتّى المجالات، لبناء غدٍ أفضل للأجيال القادمة، حيث أعلنت وزارة الثقافة إطلاق مشروع التوثيق المكاني للمواقع المحلية التي عاش فيها الشعراء العرب وارتبطوا بها عبر التاريخ.
الكثير مِن المواقع التي تحدّث فيها الشعراء خلال إلقاء شعرهم ما زالت موجودة حتى الآن، وبعضها موجود بجهة “حائل والمنطقة الشمالية والمدينة المنورة والعلا وتبوك والقصيم”، وكلها أماكن أخذت حقها جيّدا من التوثيق، ويمكن الربط بين هذه المواقع التراثية وشعراء عصر ما قبل الإسلام بملاحمهم وقصائدهم ومعلقاتهم الشهيرة في تاريخ الثقافة العربية.
بعض الأماكن لم تأخذ حقها بما يكفي من التوثيق، على سبيل المثال لا الحصر، اكتشفت أماكن للشاعر النابغة الذبياني، منذ عام 2014، مع مراجعة ديوانه الشعري واقتباسات الأماكن التي ذكرها في ديوانه الشعري، ولا توجد دراسات وأبحاث ولا اهتمام برحلة النابغة الذبياني من موقعه، من مكانه، حتى يصل إلى سوق عكاظ، وهو من قبائل ذبيان التي تقطن شمال المملكة ما بين حائل والمدينة، لكن من خلال دراستي وبحثي أثبت أنه موطنه من منطقة جنوب الطائف قريبا من ثقيف، وفيها دلائل أن هناك أماكن ما زالت على نفس المسمّى الذي ذكره النابغة في أشعاره.
رحلة التوثيق وإن كانت توثّق هذه المواقع في مختلف مناطق المملكة، وتسهّل الوصول لها عبر تركيب لوائح إرشادية وتعريفية، إلا أنه يجب أن يربط التوثيق ما بين الشعر كمصدر وبين ماهية المكان، هل موجود أو غير موجود، وبهذا يمكن الوقوف أكثر على رمزية المكان كمَعلم سياحي قوي ذي دلالة تاريخية مرتبطة فعليا بوقت ومكان إلقاء الشعر تاريخيا.
التكاملية في الشعر، لا سيما في رحلة التوثيق، يجب أن تربط بين الزمان والمكان اللذين يتضمّنان الوعاء الشعري لشعراء العصر الجاهلي وما بعده.