نهاية ديسمبر 2022، سحبت فرنسا آخر جنودها من دولة أفريقيا الوسطى، وفي نفس الشهر من 2023 سحبت آخر جنودها من النيجر، كما سحبت قواتها من بوركينا فاسو ومالي، لتخرج بذلك دول الساحل الأفريقي من السيطرة الفرنسية.
“إيكواس”
تأسَّست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” منذ ما يقارب الـ50 عاماً، بعد توقيع 15 دولة أفريقية على معاهدة لاغوس عام 1975، برعاية ورغبة فرنسية، وكان الهدف المعلن للإيكواس، حسب بيان المجموعة نفسها، تحقيق الاكتفاء الذاتي لدولها الأعضاء، من خلال إنشاء كتلة تجارية كبيرة واحدة، وبناء اقتصاد متكامل، بالإضافة إلى رفع مستويات المعيشة وتعزيز التنمية الاقتصادية.
في السياق، يقول الدكتور أحمد عبدالله، الباحث السوداني المتخصّص في الشأن الدولي: “عاشت شعوب الدول الأفريقية المنضمة إلى ‘إيكواس’ ظروفاً اقتصادية ومعيشية سيئة، إذ لم يحدث أي تنمية أو تطوّر اقتصادي، كما تنص الاتفاقية، سوى على الورق”.
ويؤكّد أحمد عبدالله، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن “باريس استفادت من هذه الاتفاقية وسخّرت ‘إيكواس’ لتحقيق مصالحها وتعزيز سيطرتها على الدول الأفريقية، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، حيث سعت من خلال اتفاقية ‘إيكواس’ إلى أن تعمل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا كقوة لحفظ السلام في المنطقة، وهذا ما سهّل على الفرنسيين استخدام ‘إيكواس’ كأداة لقمع شعوب دولها الأعضاء على الصعيد السياسي والعسكري، وسرقة موارد بلادهم على الصعيد الاقتصادي”.
تحالف دول الساحل (ASS)
ويضيف الباحث السوداني المتخصّص في الشأن الدولي: “شهدت دول الساحل الأفريقي، خلال السنوات الأربعة الأخيرة، تنامي العداء الشعبي لفرنسا ووجودها العسكري هناك، بشكل كبير، وقد تجلّت نقمة شعوب المنطقة على فرنسا بشكل واضح، عبر سلسلة من الانقلابات التي أنهت الوجود الفرنسي في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون”.
ويرى أحمد عبدالله أن “تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية وانتشار الفقر والإرهاب، شكّلا نقمة على فرنسا والنفوذ الفرنسي، وعززا شعور ورغبة دول مجموعة ‘إيكواس’، بالانتفاض ضد فرنسا والخروج من عباءة سيطرتها الاقتصادية والسياسية”.
ويشير أحمد عبدالله إلى أن “أولى خطوات تلك الدول بعد التحرّر من السيطرة الفرنسية هي الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ‘إيكواس’، وتشكيل تحالف جيوسياسي-اقتصادي قوي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، عبر توقيع قادة تلك الدول على ميثاق ليبتاكو-غورما في 17 سبتمبر 2023”.
وحسب الباحث السوداني، فإن دور وحجم تحالف دول الساحل (ASS)، مرشّح للازدياد في المستقبل القريب، وما يدعم ذلك هو ازدياد رغبة شعوب دول القارة السمراء بالتحرّر من النفوذ الفرنسي، وتقرير المصير واتباع مسارها الاقتصادي والسياسي المستقل.
تحالف دول الساحل (ASS) هو كتلة عسكرية سياسية، تم إنشاؤها لضمان الدفاع الجماعي والمساعدة المتبادلة لصالح السكان، كما تتضمّن الاتفاقية التعاون الاقتصادي؛ مثل إنشاء اتحاد اقتصادي ونقدي، وكخطة للمستقبل، أعلن التحالف إنشاء عملة تسمّى “الساحل”.