كيف تحل أمريكا وإسرائيل خلافاتهما حول غزة؟

كتبت هيئة تحرير صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مقالا في افتتاحية موقعها الإلكتروني، حول التوتر الحالي في العلاقات بين إسرائيل وأمريكا بسبب الحرب الجارية في قطاع غزة المحاصر، وكذلك تجهيز تل أبيب لعملية عسكرية برية في رفح الفلسطينية.

وقالت هيئة تحرير الصحيفة الأمريكية: “مع دخول الحرب في غزة شهرها السادس، بدأت تظهر تصدعات في الجبهة التي كانت موحدة بشكل واضح بين إسرائيل وأمريكا، وفي الوقت نفسه، يهدد الجوع المدنيين في غزة، الذين دفعوا ثمناً باهظاً عبر النزوح والمرض والموت”.

وأضافت، في مقالها، :”إذا لم تحل إسرائيل وأمريكا خلافاتهما وتتفقا على نهج قابل للتطبيق للمرحلة التالية في غزة، بما في ذلك كيفية تخفيف معاناة سكان غزة وتهميش حماس، فإن حماس نفسها هي وحدها التي قد تخرج كمنتصر، بعد بدء هذه الحرب، ومثل هذه النتيجة يمكن أن تهدد ليس استقرار إسرائيل فحسب، بل المنطقة ككل أيضاً”.

وأشاروا إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الصريحة بأن إسرائيل فشلت في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين وفي تمكين المساعدات من الوصول إلى الفلسطينيين؛ وكذلك إلى خطاب السيناتور تشارلز شومر، الذي انتقد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ وتسامح أمريكا مع قرار وقف إطلاق النار الذي عارضته إسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وتابعوا: “أدت هذه الأحداث الأخيرة إلى توتر العلاقات بين البلدين على نحو نادر لم يحدث من قبل. فلا يتمتع بايدن ولا نتنياهو بشعبية في الداخل؛ كلاهما يخشى على مكاتبهما، ومع ذلك فإنهما يواجهان ضغوطاً سياسية داخلية غير متوافقة”.

وأوضحوا أن بايدن يتنافس مع الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، الذي ينتقد بشكل متزايد استمرار إسرائيل في الحرب، بالإضافة إلى نفاد الصبر المتزايد على ما يبدو بين الناخبين الأمريكيين على نطاق أوسع.

وأكدت هيئة تحرير “واشنطن بوست”، إن قبضة نتنياهو على السلطة تعد رهينة للجناح اليميني الذي يدعم ضم الضفة الغربية لأراضي إسرائيل.

وأضافوا، خلال المقال، :” الحقيقة الأخرى هي أن حماس ـ على الرغم من إصابتها بالشلل الشديد نظرًا للعمليات البرية الإسرائيلية ـ لا تزال تتمتع تقود أربع كتائب متحصنة تحت الأرض، وفي الوقت نفسه فإن الظروف الحياتية التي يعيشها سكان غزة، الذين يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة، وأغلبهم نزحوا من منازلهم المدمرة، مروعة”.

وتابعت: “هناك دلائل تشير إلى أن البلدين، على الرغم من كل الدراما الأخيرة، ربما بدأا في التحول من المسرح السياسي إلى الحنكة السياسية الناضجة.. ووافق مستشارو نتنياهو على إعادة جدولة اجتماع مع كبار مسؤولي إدارة بايدن، والذي ألغاه نتنياهو يوم الاثنين الماضي في استعراض للغضب من امتناع أمريكا عن التصويت على قرار الأمم المتحدة”.

وتحدثت هيئة تحرير “واشنطن بوست” عن محادثات يوآف جالانت وزير الجيش الإسرائيلي، مع فريق الأمن القومي التابع لبايدن حول  كيف، أو ما إذا كان بإمكان إسرائيل مهاجمة ما تبقى من قوات حماس في رفح – فإن الأغلبية العظمى تعتقد أنه يجب عليهم فعل ذلك – دون التسبب في كارثة إنسانية لأكثر من مليون شخص فروا إلى تلك المدينة من القتال السابق في بقية أنحاء غزة.

وقالوا: “ما ظهر كان عبارة عن بيان واضح من الإدارة ترك مجالاً لأمريكا لتأييد الهجوم على رفح – ولكن فقط إذا تضمن خطة قابلة للتحقيق ويمكن التحقق منها لرعاية سلامة وأمن 1.5 مليون من سكان غزة الذين لجأوا إلى هناك”.

وأضافوا: “مثل هذا الضغط أمر بالغ الأهمية.. إن المسار المفضل في الأمد القريب يتلخص في التفاوض على هدنة لمدة ستة أسابيع مع حماس، حيث يقوموا خلال تلك الفترة بإطلاق سراح بعض المحتجزين على الأقل، وتسمح لإمدادات الإغاثة بالتدفق إلى غزة بأمان أكبر. ومع ذلك، فإن حماس، التي ربما شعرت بوجود فرصة في الخلاف بين أمريكا وإسرائيل، أحجمت حتى بعد أن خففت إسرائيل شروطها، وفي الوقت الحالي، على الأقل، يبدو أن المفاوضات لا تؤدي إلى أي شيء”.

وتابعوا: “رغم أسابيع من الحديث عن هجوم إسرائيلي وشيك على رفح، فإن مثل هذه الخطوة ستتطلب تحضيرات مكثفة وربما لا يمكن أن تبدأ قبل شهر على الأقل؛ وبغض النظر عما يحدث، فإن لدى إسرائيل الوقت الكافي لزيادة مستويات المساعدات التي تبدأ بالتدفق عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية”.

واختتمت هيئة تحرير الصحيفة الأمريكية مقالها: “ومع ذلك، ليس لدى إسرائيل وقت غير محدود لإنهاء هذه الحرب وكل المعاناة الهائلة المصاحبة لها، ولا يستطيع أحد ـ المجتمع الإسرائيلي، والمدنيون الذين يعانون في غزة، والرهائن الذين ما زالوا يقبعون في أنفاق حماس ـ أن يتحملوا حالة الجمود.. ورغم كل انتقاداته القاسية، لا يزال بايدن صديقًا مقربًا لإسرائيل ومستعدًا لتحمل المخاطر السياسية لدعمها، وقد يعتمد مستقبل إسرائيل على فهم أنه عندما يقدم شخص مثل هذا النصيحة، فمن الحكمة الاستماع إليه”.