د. ناهد باشطح
إعلامية ومدربة في التشافي الذاتي، بدأت الصحافة عام 1985 وحصلت على ثلاث جوائز دولية في الإعلام
فاصلة:
” أميتوا الباطل بالسكوت عنه ” – علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه –
******
لماذا يتابع الناس المحتوى السطحي والتافه على منصة تيك توك ؟!
ماهي المكتسبات المعنوية لهذه المتابعة خاصة وهناك من يدعم المحتوى السيء في بثوث هذا البرنامج بالمال؟
رغم ما يتضمن المحتوى من سلوكيات مشينة مثل استغلال الأطفال وكبار السن والكذب وترويج الاشاعات ، لكن السؤال
في دراسةً للسلوك الإنساني التي نشرتها في عام 1976 الجمعية الأميركية لعلم النفس “APA” في ما يمكن تسميته ب “الفرح بالمجد المنعكس” أو Basking in reflected glory”” يكشف الباحثون من الأطباء وعلماء النفس، ومنهم د. روبيرت كيالديني، و د. ريتشارد بوردن، في تطبيقهم الدراسة على طلاب وطالبات من أكثر من 300 جامعة حول أميركا والعالم، أن الطلاب يميلون للاحتفال بالنجاحات التي لم يشاركوا في صناعتها، بل ويستخدمون الضمير “نحن” في الحديث عن الفوزالذي حققه فريق الجامعة لكرة القدم، وكأنهم تقمصوا دور اللاعب الفائز كاملاً، أي دور الفائز وهذا يعني انهم يحتفلون بشيء لم يتعبوا في الحصول عليه ولم يحققوه!!
من هنا يتابع التافهين اشخاص يعتبرون نجاحاتهم التافهة مجداُ لهم ولذلك يدعمونهم بالمال وهناك نوع آخر من المتابعين وهم الذين يتداولون المحتوى السيء لينتقدونه وهم بذلك لا يحسنون صنعا اذ انهم بذلك يزيدون من نسب المشاهدة بما يجعل إدارة التيك توك تدعم المحتوى بالمال.
الشهرة السريعة هذه الأيام وان فاجأتنا فإنها لم تكن كذلك تاريخياً فقد تنبأ بها في أواخر الستينيات من القرن الماضي، الرسام الأميركي “آندي وورهول” وذلك حين توقع ظهور وسيط إعلامي يوفر للشخص العادي حلم الشهرة السريع، وقال “في المستقبل، سيتمكن الجميع من أن يصبحوا مشهورين شهرة عالمية خلال 15 دقيقة فقط”.
وهذا ما يحدث في واقعنا وفي مواجهة طوفان مواقع التواصل الاجتماعي فالشهرة أصبحت مثل نظام التفاهة الذي وصفه “آلان دونو” في كتابه “نظام التفاهة” بانه نظام تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين على مناحي الحياة وبموجبه تتم مكافأة التفاهة والرداءة عوضا عن العمل الجاد
هذه المكافاة هي المتابعين وما يقدمونه من دعم مادي رغم سطحية البثوث في تيك توك، فهم يساهمون بشكل أو آخر في تغلغل التافهين في حياتنا عبر مشاهدتهم ومتابعتهم وهذا ما يصنع شهرة التافهين.
ولا يمكن ان يتوقف المتابعين عن دعم المحتوى التافه والسيء لأنه يلمس احتياجاتهم حينما يعانون من الفراغ او الضغوط النفسية، لذلك سيبقى هذا حالنا مع المحتوى السيء وعلى الأسر الواعية أن تلتفت لما يمكن أن تحدثه حمى تيك توك على أرواح أطفالهم وعلى نفسية المراهقين .