يُعدّ موضوع زكاة الفطر من أهمّ المواضيع التي تشغل بال المسلمين في شهر رمضان، وخاصةً في السعودية. ويُثار الجدل حول كيفية إخراج زكاة الفطر، هل يجب إخراجها طعاماً أم مالاً؟
يرى بعض العلماء أنّ إخراج زكاة الفطر طعاماً هو الأصل، وذلك استناداً إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في هذا الموضوع.
ويرى آخرون أنّ إخراج زكاة الفطر مالاً هو جائز، وذلك لما فيه من تيسير على المسلمين، خاصةً في ظلّ الظروف المعيشية الحالية.
مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ يرى أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر قيمة نقدية، موضحا أن ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تخرج من طعام وقوت أهل البلد من الأرز والبر والأقط والزبيب.
الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، قال: “لا يجزئ دفع القيمة بدل الطعام؛ لأنه خلاف المنصوص، والنقود كانت موجودة على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلو كانت تجزئ لبين لأمته ذلك، ومن أفتى بإخراج القيمة فإنما أفتى باجتهاد منه، والاجتهاد يخطئ ويصيب، وإخراج القيمة خلاف السنة ولم ينقل عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا عن أحد من أصحابه إخراج القيمة في زكاة الفطر”.
الدكتور عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي، قال إنه بدأ يعيد النظر في إخراج زكاة الفطر من الطعام، وينظر إلى ما يعادلها من القيمة المالية.
ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في مسألة إخراج الطعام واستبداله بالقيمة المالية، لأن فقراء الیوم بحاجة إلى الكمالیات أكثر من حاجتهم إلى الطعام، مشیراً إلى أن الطعام حالیًا أصبح متوفرًا للفقراء.
الشيخ عبد الله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء، قال إن جمهور العلماء أكدوا أن زكاة الفطر من قوت أهل البلد.
في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: “كنا نعطيها في زمن النبي ﷺ صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من إقط أو صاعاً من زبيب”.
وأضاف: “يمكن أن تدفع نقودا وفقا للاجتهاد الذي يقول إن يكون ذلك من صالح الفقير”.
أجاز الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، أستاذ الفقه بجامعة الملك فيصل، وعضو هيئة كبار العلماء إخراج زكاة الفطر نقدا، قائلا: “يحسن تقليد الحنفية بدفع زكاة الفطر نقداً.. وقدَّروها 3600 غم تقريباً”.
الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية الأسبق، قال إن الواجب إخراجها طعامًا، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، صاعًا من قوت البلد، من تمر أو شعير أو أرز، من قوت البلد صاع، هذا هو الواجب عن كل نفس؛ عن الرجل والأنثى، والصغير والكبير. وقال جماعة من أهل العلم: يجوز إخراجها نقدًا، ولكنه قول ضعيف.
والصواب: أن الواجب إخراجها طعامًا عند جمهور أهل العلم، أكثر أهل العلم، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله ﷺ.
يرى الشيخ عبدالله بن جبرين أن الأصل في زكاة الفطر إخراجها من الأطعمة المقتاتة والمعروفة في البلد، والتي هي متوفرة ومتواجدة غالباً في كل بلد، إلا أن كثيراً من البلاد لا يستعملون الطعام ولا يحسنون إصلاحه، وإنما يأكلون في المطاعم، وربما يكون قوتهم من الخبز المعتاد، بحيث إن أحدهم يشتري رغيفاً أو رغيفين يأكلهما في طريقه إلى محل عمله وليس عنده قدرة على الطحن والخبز والإصلاح للطعام، وإذا أعطي من الفطرة براً أو شعيراً فإنه يبيعه بثمن بخس لأجل أن يشتري به ما يقتات به، فمثل هؤلاء يرى بعض العلماء أفضلية إعطائهم القيمة التي ينتفعون بها بشراء قوت أو غيره، كما هو الواقع في كثير من الدول الذين لا يتوفر عندهم التمر أو الزبيب أو الأقط أو السويق، فالقيمة في هذه الحال تنفعهم وتحصل لهم من الطعام ما يناسبهم.