أمل أبوالقاسم – المحللة السياسية والكاتبة الصحفية السودانية
عقب اندلاع حرب السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023م، انبرت السعودية والولايات المتحدة الأمريكية للأمر، وتبنَّتا مبادرة لوقف الحرب، جعلتا من مدينة جدة مقرا لها تنطلق منه المفاوضات بين الطرفين، وكان يوم 6 مايو 2023م موعدا لانطلاقها، أي بعد أقل من شهر من بداية الحرب.
وبالفعل، تمكّنت الوساطة من دفع الطرفين للتوقيع على عددٍ من البنود والالتزامات، بعد مداولات استمرّت لعدد من الأيام، بيد أنه وقبل أن يجف حبر التوقيع، عاد الطرفان للاقتتال بعد أن خرقت قوات الدعم السريع الاتفاق أو كما اتهمها الجيش السوداني، فضلا عن عدم تنفيذه شرط الخروج من الأعيان المدنية والمرافق العامة ومنازل المواطنين، ما جعل من ذلك عقبة كؤود تقف في طريق انسياب المفاوضات، كون الجيش السوداني يتمسّك بها كشرط لمواصلة التفاوض وإلى الآن.
ثمّ ولخرق الهدنة التي كانت ضمن أجندة التفاوض وتم التوقيع عليها، علّقت الوساطة المفاوضات في 2 يونيو من العام 2023م، متهمةً الطرفين بعدم الجدية، وأنهما يدّعيان رعاية مصالح المواطن السوداني، ولا يلتزمان ببنود جدة، لا سيما الهدن من أجل إيصال المساعدات الإنسانية.
مجددا، حاولت الوساطة السعودية الأمريكية، قطع موعد لاستئناف المفاوضات في مدينة جدة التي باتت اسما متعلق بحل الأزمة، وقد أُطلق عليها “مفاوضات جدة”، وتمكّنت تلكم المرة من جمع الطرفين برعايتهما، وانضمت “الإيغاد” إلى المفاوضات نهاية العام الماضي، مطلع نوفمبر، لكنها اصطدمت مجددا بذات التعنّت من الطرفين، وانهارت كسابقاتها.
الآن يدور الحديث مجدّدا عن استئناف المفاوضات خلال الأسبوعين المقبلين، ورشّح أن مصر والإمارات ستنضمان للوساطة وحضور التفاوض.
الشاهد أنه وطيلة جولات عمليات التفاوض، ظل المواطن العادي يحترق شوقا لمعرفة تفاصيل التفاوض، وما يمكن أن ينجم عنه، وما إن كان سيثمر عن جديد أم لا؟ ظللنا وخلال كل جولة نتلقّى العديد من الاستفسارات من الأهل والصحبة، نرد عليهم بأن الجلسات سرية، لا علم لنا بتفاصيلها، ثمّ نردف لاحقا بأن عفوا فشلت أيضا، ولم يتوصّل الطرفان لنتائج إيجابية، وكم كنا نرصد خيبتهم وإحباطهم.
والتفاوُض ينطلق مجددا في العاصمة الرياض خلال الأيام المقبلة، وحتى يثمر هذه المرة ويتوقّع الكثيرون ذلك لرغبة الدول الصديقة في وضع حد لمعاناة المواطن السوداني الذي هلكته الحرب، وهي تدخل عامها الثاني. لماذا لا تضغط الوساطة على قوات الدعم بقبول الإخلاء حتى تمضي المفاوضات إلى مبتغاها، على أن يتنازل الطرفان بالحد المعقول، لوضع حد لهذه الحرب اللعينة التي أنهكت الجميع، بما فيهم دول الجوار؟