عبدالله الشريف
كاتب وصحافي سعودي، مساعد رئيس تحرير صحيفة المدينة سابقاً
بلاشك السفارة هي موطن للدول في الخارج لإنها تمثل العمق الاستراتيجي لكل بلد وحين يقع الاختيار على سفير فهذا يعني تمثليه للقائد الأعلى للدولة.. خلال حقبة التسعينيات المنصرمة كانت السياسة الخارجية السعودية في أوج نشاطها وقوتها وهي كذلك إلى الآن بيد أنها أغفلت الجانب القنصلي في التعامل مع مواطنيها حينئذ.. هربت مع رفاق لي كنا ندرس ونعمل في الصحافة الكويتية إلى الأردن عن طريق بغداد بعد أن منعنا من العودة عن طريق الخفجي أو حفر الباطن.. وبعد نحو شهرين من التوغل العراقي في الكويت “لا أحبذ ان أطلق عليه غزو” لإن الغزوات هي نصرة للإسلام منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومافعله صدام كان تدميرا لمبادئ الإسلام.. وجدت نفسي وسط عمان اتخبط لا أعرف أين أذهب وقد أنهكني الجوع وقلة المال بعد أن خسرت كل مدخراتي في الكويت “وهذه من نتائج الحروب بلاشك” لم يكن أمامي سوى اللجوء لسفارة بلادي السعودية وكنت قد خرجت من الكويت مع وفد دبلوماسي بحريني هو آخر من خرج أثناء الحرب ..كان يحدوني الأمل أن أتلقى على أقل تقدير موقف إيجابي لكن يبدو أن حالتي الرثة وثيابي شبه الممزقة لم ترق لموظف السفارة ولم تقنعه أنني “صحافي” فنهرني عند الباب قائلا.. ماذا تريد؟ وقبل أن أشرح له الموقف رد بالقول نعطيك عشرين دينارا تركب إلى تبوك!! كان الموقف بالنسبة لي مؤلما وشعرت أنني لجأت للمكان الخطأ.. منذ تلكم الحقبة إلى هذه اللحظة هي الأولى لي التي أعيد التفكير فيها بزيارة أي سفارة لبلادي.. لعل هذا الشعور كان ينتاب الكثيرين مثلي آنذاك تسبب في عقدة اسمها “لاتروح السفارة”!! اليوم وبعد نحو 30 عاما تغيرت الكثير من المفاهيم وانحلت كل “العقد البيروقراطية” في أروقة سفارات بلادي ومع وجود سفراء عظماء يمثلون القيمة الحقيقة لقوة بلادي ويؤثرون في الكثير من القرارات الدولية.. أصبح الذهاب إليها محل اعتزاز وقوة وملجأ عندما تحتدم الأمور.. وهنا أذكر معالي السفير نايف بن بندر بن أحمد السديري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الأردن الشقيقة هذا الرجل لديه ديناميكية عالية منذ أن كان سفيرا للمملكة في كندا.. يتعامل بحس إنساني ولايغفل عن الجانب الإداري والدبلوماسي.. كيف لا وهو من أسرة سياسية وإدارية منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية وهم العون والقلب الاستشاري للدولة في كل حكوماتها المتتالية.. عرف عن السفير نايف السديري سعة الصدر والحنكة وحب الخير في كل البواطن يأسرك ببشاشة وجهه وحفاوة استقباله ولايمكن لك أن تخرج من حضرته إلا موفورا بالترحاب والإجابة.