الوئام – خاص
أعلن البيت الأبيض، مطلع الأسبوع الجاري، أن الرصيف العائم الذي تعمل الولايات المتحدة على بنائه، لإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، يبدأ تشغيله في غضون أسابيع قليلة، لكنّه لن يكون بديلًا للطرق البرية التي تعدّ السبيل الأفضل لإدخال المواد الغذائية إلى القطاع.
ووفقًا لتقارير، هناك مشروع آخر وراء بناء الميناء، بدأ بالتواجد الأمريكي في هذه المنطقة تحديدًا، لا سيما بعد المسح الذي قامت به شركة المسح الجيولوجي منذ 2010 وأقرت بوجود آبار في هذا القسم من البحر المتوسط، وأن المنطقة تعوم على آبار من الغاز والنفط بشكل أساسي، وأن بحر غزة تحديدًا لديه ما يفوق 2.5 ترليون متر مكعب من الغاز، ورغم هذا الطرح يبقي السؤال: هل يحقّق الميناء الأهداف المرجوّة والنتائج المترتبة عليه؟
أدوات الضغط
في السياق، يقول الباحث في الشؤون الدولية والإقليمية، أحمد سلطان، إنّ “الميناء الذي تُشيّده الولايات المتحدة على سواحل قطاع غزة، يهدف بشكل معلن إلى تنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، لا سيما مع تزايد وتيرة الغضب الدولي مِن تعقّب المساعدات من جانب الجيش الإسرائيلي، ومنع وصولها إلى الفلسطينيين، في ظل استمرار الحرب المستمرّة للشهر السابع على التوالي في غزة”.
ويضيف أحمد سلطان، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن “هذا الميناء جزءٌ من الترتيبات المعدّة لمستقبل قطاع غزة، لا سيما أن المتحكّم في عملية دخول المساعدات سيكون متحكّما بشكل كبير في الواقع الميداني وحجم الغذاء والماء والأدوية الداخلة إلى غزة، في ظل إحكام الحصار العسكري على الأراضي الفلسطينية”.
ويوضّح الباحث في الشؤون الدولية أن “تشييد هذا الميناء يجعل من المساعدات شبه محتكرة في أيادٍ أمريكية إسرائيلية، بإشراف مزدوج، كما أن الميناء يدلل على توقعات باستمرار الحرب في غزة لفترات غير معلومة وطويلة، حتى تكمل إسرائيل أهدافها من الحرب”.
وسيلة للتحكم بورقة المساعدات
ويرى الدكتور يوسف بدر، الباحث المتخصّص في العلاقات الدولية، أن “الولايات المتحدة، وبالتنسيق مع إسرائيل، تزعم تقديم المساعدات وتنسيق عملية دخولها للقطاع، بينما هي تطبّق سياسة “العصا والجزرة” مع حركة حماس، ضمن سجال الحرب بين حكومة بنيامين نتنياهو والفصائل الفلسطينية تتقدّمها حماس، حيث ستكون المساعدات بمثابة “ورقة رابحة” بيد نتنياهو في وجه حماس، في أمور التفاوض، ووسيلة ضغط أيضا على المدنيين للبقاء في القطاع من عدمه”.
يُضيف يوسف بدر، في حديث خاص لـ”الوئام”، أنّ “هناك رغبة مشتركة من إدارتي جو بايدن ونتنياهو، في القضاء على حركة حماس، ولن يتم الأمر إلا بالتحكّم في مسألة المساعدات والغذاء والدواء، وبشكل شرعي أمام العالم”.
ويُتابع الباحث السياسي أنّ “هناك رغبة أكيدة أيضا في إطلاق الحملة البرية الشاملة لاجتياح رفح الفلسطينية من جانب إسرائيل، لكنها لن تكون محققة للنتائج المرجوّة بشأن إنهاء الإدارة المدنية لحماس، ما لم يكن هناك تحكّم بملف المساعدات بشكل كبير، واستبدالها بمجموعة من العشائر، بينما تبقى الاعتراضات بشأن إقامة هذا الميناء مرتبطة باحتمالات تعرُّض القوات الأمريكية لاستهدافات، على أن تتولّى قوات أمريكية حماية الميناء الفترة المقبلة”.
الاستفادة الأمريكية الإسرائيلية
وأفادت تقارير، أن الإعلان الأمريكي عن إنشاء الميناء العائم قبالة سواحل غزة لتقديم المساعدات إلى الفلسطينيين يرتبط بنوايا إدارة جو بايدن، بالإفلات من عدة ضغوط دولية وإقليمية تلقي بالكرة في الملعب الأمريكي، وتلقي على عاتق “بايدن” الضغط على “نتنياهو” بإدخال كميات كافية من المساعدات للفلسطينيين حتى يتم التوافق على حل سلمي للأزمة في غزة، ونفس الاستفادة التي يخرج بها نتنياهو من إنشاء الميناء بالتحكم شبه الكامل في ملف المساعدات وزيادة التحكم في وتيرة إنهاء الحرب، وضمان إحكام الخناق على الفصائل والأهالي من المدنيين وإجبارهم على التهجير.
ويرى مراقبون أن بايدن ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وتعالي أصوات المحتجين في الداخل، لا سيما في الجامعات جراء الدور الأمريكي المساعدة بالمال والسلاح لإسرائيل والمواقف السياسية الدولية المؤيدة لقرارات حكومة إسرائيل، كلها جزء من العوامل التي تفسر تمسك أمريكا بالميناء رغم وجود طرق أكثر ملائمة برًا لتقديم المساعدات، وهي طرق متاحة ولن تستغرق شهرين وهي مدة إنشاء وتجهيز الميناء العائم لتقديم المساعدات.
وفي سياق ذي صلة، قالت الأمم المتحدة، إن التركيز الدولي يجب أن ينصب على دخول المساعدات الإنسانية برًا إلى قطاع غزة وتوزيعها على نطاق واسع، لكن أي طريقة لتعزيز وصول المساعدات أمر “جيد بلا شك”.