الدكتور محمد عبدالله – أخصائي التربية السلوكية والنفسيّة وثقافة الأطفال
مع بلوغ الطّفل السنة الثالثة مِن عمره، نلاحِظ ظهور أشكال جديدة مِن السلوك لديه كالعناد، وقبل هذه الفترة كان يُمكن إرضاء الطّفل وإسكاته بإعطائه لُعبة أو دُمية أو حتّى قطعة حلوى.
بعد الثالثة، يُلاحظ الوالدان تغيُّر سلوك الطفل، وإلحاحه وإصراره على تنفيذ مطالبه، هنا يظهر فَن التربية في تعامُل الوالدين مع ذلك، بإظهار الاستياء تارةً والتغاضي تارةً أخرى، وربما توبيخ الطّفل أو مُعاقبته.
ويكفي أن تضع نفسك مكان طفلك وتُحاول فَهم ما يدور بعقلِه، خصوصا أنّ شعور الوعي بالذات (الأنا) يبدأ بالتشكُّل عند الطفل في سنّ الثالثة، فنجده يرتدي ملابسه بنفسه، ويتناوَل طعامه، ويغسل يديه دون مساعدة مِن أحد.
لذلك يطلق الكثير من علماء النفس على الفترة التي تقع بين السنة الثانية والثالثة مِن عمر الطفل، تسمية “الفترة الحرجة”، نظرا لأنّها تظهر تناقضا حادّا بين مطالب الكبار ورغبات الطّفل الجامحة، وهنا تظهر الصعوبات في التربية بسبب عدم إدراك الوالدين لهذا المنحنى الجديد في تطوُّر طفلهم النّفسي، ومحاولاتهم المستمرِّة الحدّ مِن استقلاليته واعتماده على ذاته.
إننا بهذا الشَّكل نحدّ مِن حُرّيته، ونقتل فيه النّشاط المُتفجِّر في داخله، والشعور المُتدفّق بالاعتماد على النفس والاستقلالية التي تعدّ واحدةً مِن أبرز ملامح هذه الفترة، حيث يعتمد الطّفل على نفسِه في إشباع حاجاته.
ويكفي أن يعلم الأهل أنَّ مُحاولة كبح جماح الطّفل، الذي بلغ عامه الثالث والسّيطرة على انفعالاته، أمر صعب للغاية، وأنّ حركة الطفل ليست عنادا، وإنما ميزة لتطوُّر نفسيّة الطفل في هذه السن.