عبدالله ناصر العتيبي – صحافي وكاتب سعودي
السياحة في المملكة ستكون في وقت قريب جداً هي الرافد الأول لميزانية المملكة. ستأخذ مكان النفط خلال سنوات قليلة. ليس معنى هذا أن النفط سيتراجع، لكن عوائد السياحة ستتعاظم خلال العقدين المقبلين لتصل إلى رقم يتناسب مع حجم الكنوز التاريخية والطبيعية التي تحتضنها أرض المملكة.
لا شك عندي في ذلك. رؤية ٢٠٣٠ تؤكد على هذا الأمر، والاستراتيجية الوطنية للسياحة ماضية إليه بكل ثبات. والعالم، كل العالم توّاق لاكتشاف “سحر العرب” في جزيرتهم.
أمران أظن أننا نحتاج البدء فيهما في الوقت الحالي، لنجعل من تجربة السائح العالمي الذي يرغب في اكتشاف الأسرار والحكايات العربية، مميزة وفارقة:
١- تأسيس علمٍ جديد، يختص بآثار ومعارف وآداب وحكايات وتاريخ السعوديين القدماء. وتأهيل المتخصصين فيه من شرق العالم وغربه، ليصبح هذا العلم متحدثاً باسم عرب الجزيرة “السعوديين”، في منتديات الحضارة العالمية. واقترح أن نطلق عليه مسمى Arabology، إذا أننا نحن السعوديين مبتدأ اليعربية وخبرها منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.
٢- تأسيس مدينتين جديدتين تعملان كمنصتين عملاقتين يسكنهما السياح وينطلقون منهما لاكتشاف السحر العربي في الجزيرة العربية ويعودون إليهما قبل عودتهم إلى بلدانهم. مدينتان تكونان هما الوطن للسائح العالمي. المواطن فيهما هو السائح، والسعودي مشرف وراعٍ للمكان.
كلما شعر السائح بأنه المواطن كلما اقترب من المكان، وتعززت فيه روح الانتماء (دبي على سبيل المثال، يشعر الناس على اختلاف جنسياتهم بأنهم مواطنون فيها، لعدم تعرضهم المباشر للمقابل المحلّي. مقابلة المحلي تُشعرك بالغربة، واحتكاكك بغريب مثلك يشعرك بأنك وهو مواطنان في السفر).
نيوم، ستحقق الحلم الأكبر بمشيئة الله، وأظن أن هاتين المدينتين ستكونان هما المكملتين لأضلاع مثلث السياحة السعودي.
واحدة في شرق المملكة، وواحدة في غربها.
مدينة الشرق تكون جنوب مدينة الخبر وحتى ميناء العقير (مجرد اقتراح) وتستقبل السياح من المرجعيات والثقافات كافة. تُبنى من الفنادق ومرافق الخدمات السياحية وما يلحق بهما. ويتولى تعميرها التجار المحليين بتسهيلات حكومية ورجال الأعمال الدوليين بوجود فرص تنافسية.
والمدينة الأخرى في غرب المملكة، وتستقبل السواح المسلمين الذين جاءوا لهدفين: زيارة الأماكن المقدسة والتعرف على حضارة المملكة. وأظن أن هذه المدينة موجودة بالفعل الآن (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية)، لكنها تحتاج إلى ثورة عمرانية لتكون قادرة على احتضان ملايين المسلمين الذين يريدون التمتع بالسياحة في المملكة وفي نفس الوقت القرب من المدينتين المقدستين (بالقطار.. تبعد مكة ساعة وتبعد المدينة ساعة ونصف). أيضاً يتولى تعميرها رجال الأعمال المحليين والدوليين بميزات تنافسية مفصلة لكل فئة.