اضطلعت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها بأمن دولها الأعضاء وحماية الشؤون العربية والأمن القومي، من خلال التصدي لجميع التحديات التي تواجه المنطقة العربية، والسعي لتنسيق الجهود وتكوين صوت عربي واحد في مختلف المحافل والمنظمات الدولية.
وعقدت الجامعة قممًا عادية وغير عادية وطارئة؛ لمناقشة الأحداث الهامة والقضايا الملحة، وتركز بشكل خاص على الملفات والقضايا ذات الأهمية القصوى التي تؤثر على المنطقة العربية، مثل الأمن والاستقرار والتعاون الدولي والقضية الفلسطينية.
السعودية لعبت دورًا قياديًا في استضافة وتنظيم القمم العربية، ومنها القمة العربية الثانية والثلاثين التي استضافتها مدينة جدة في شهر مايو من العام الحالي، والتي أسفرت عن إصدار قرارات مهمة تخص الشأن العربي والعمل العربي المشترك، مثل استئناف مشاركة سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة العربية، وتشكيل لجنة لإصلاح وتطوير الجامعة العربية.
كما استضافت المملكة أيضًا القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية، والتي دعت لوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، وطالبت بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المعتقلين والمحتجزين، ومنع التهجير القسري، والالتزام بالقوانين الدولية والإنسانية، وحل سياسي للقضية الفلسطينية وفقًا للمرجعيات الدولية والمبادرة العربية.
وأسفرت جهود المملكة الدبلوماسية عن حشد الدعم والاعتراف الدوليين بدولة فلسطين، وتعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل إذا اجتاحت منطقة رفح، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
وفي هذا التقرير نستعرض مؤتمرات القمة العربية العادية وغير العادية، والقرارات التي صدرت عنها، والتي تعكس الاهتمام الكبير للقادة العرب بالقضايا ذات الصلة بالمنطقة.
تاريخ القمم العربية:
شهد العالم العربي محطات تاريخية هامة من خلال مؤتمرات القمة العربية ، بدءًا من قمة أنشاص الاستثنائية في مصر عام 1946م ، والتي هدفت إلى دعم القضية الفلسطينية وتأكيد عروبة فلسطين كجزء أساسي من القضايا العربية.
شهدت قمة القاهرة في عام 1964م تحولًا تاريخيًا في العمل العربي المشترك، حيث أصبحت أول قمة عربية منتظمة. وركزت القمة على موضوعات مختلفة منها تنقية الأجواء العربية، ودعم التضامن العربي، والتصدي للخطر الذي يمثله قيام إسرائيل، والدعوة لإنشاء قيادة عسكرية مشتركة للدول العربية، حيث وافقت القمة على عقد اجتماعات سنوية لملوك ورؤساء دول الجامعة العربية.
تلتها قمة بيروت في لبنان عام 1956م ، وذلك بعد عشر سنوات ، لدعم مصر ضد العدوان الثلاثي وللتأكيد على سيادتها على قناة السويس وفقًا لمعاهدة عام 1888م ومبادئ مجلس الأمن الدولي.
واستضاف المغرب المؤتمر العربي الأفريقي الثالث في الدار البيضاء عام 1965م، والذي أسفر عن الموافقة على ميثاق التضامن العربي ودعم قضية فلسطين في المحافل الدولية ، وتأييد نزع السلاح وحل النزاعات الدولية سلميًا.
وفي قمة الخرطوم في أغسطس 1967م ، ركز الاجتماع على إزالة الآثار المترتبة على العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية المحتلة عام 1967م ، وإنشاء صندوق إنمائي اقتصادي عربي.
فيما دعت قمة الرباط في ديسمبر 1969م إلى التمسك بوحدة الأراضي العربية وعدم قبول أي مساس بسيادة القدس، كما اعترفت القمة بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
وأقيمت قمة طارئة بالقاهرة في سبتمبر 1970م لحل النزاع الأردني الفلسطيني وحقن الدماء العربية، واستمرت القضية الفلسطينية كبوصلة رئيسية للعمل العربي المشترك، كما عرضت في قمة الجزائر في نوفمبر 1973م ، والتي دعت إلى انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، ورحبت القمة بانضمام موريتانيا لجامعة الدول العربية.
وعززت قمة الرباط في أكتوبر 1974م الالتزام باستعادة جميع الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967م، وأكد الزعماء العرب رفضهم لأي مساس بسيادة القدس، كما اعترفوا بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
في عام 1976م، عقدت المملكة العربية السعودية قمة عربية مصغرة في الرياض تشمل ست دول عربية ؛ تهدف إلى إنهاء إراقة الدماء في لبنان واحترام سيادته ورفض التقسيم، وتبع ذلك مؤتمر القمة العربية العادية الثامنة في القاهرة ، حيث تمت المصادقة على بيان الرياض وقراراته وتمت دعوة الدول العربية للمساهمة في إعادة إعمار لبنان.
تعليق عضوية مصر
أكدت قمة بغداد في عام 1978م على دعم منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة موافقة أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية، ورفض زعماء الدول العربية اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل بسبب تعارضها مع قرارات القمة العربية السابقة، وتقرر تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ونقل مقر الجامعة إلى تونس.
وجددت قمة تونس في نوفمبر 1979م التأكيد على الالتزام بالقضية الفلسطينية وإدانة اتفاقيات كامب ديفيد ومقاطعة مصر، وعززت القمة العلاقات مع منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية وحركة عدم الانحياز لتطوير المواقف إزاء القضايا العربية.
أكد البيان الختامي لقمة عمان في نوفمبر 1980م على مواجهة العدو الصهيوني وإقرار ميثاق العمل الاقتصادي القومي، ودانت القمة العدوان الإسرائيلي على لبنان وقررت دعمه في تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
شهد مؤتمر القمة العربية العادية الثانية عشرة في فاس المغربية في عامي 1981 و1982م خروج مشروع الملك فهد للسلام في الشرق الأوسط، الذي يدين العدوان الإسرائيلي على لبنان ويدعم انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، ونددت القمة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان ورفضت العدوان على باقي الدول العربية.
الصراع الإيراني العراقي
في عام 1985م، انعقد مؤتمر القمة العربية غير العادية الرابعة في الدار البيضاء بالمغرب ، حيث أكد القادة العرب التزامهم الكامل بميثاق التضامن العربي وقرروا تشكيل لجان لتنقية الأجواء العربية، وكان الهدف الرئيسي للمؤتمر هو إيجاد حل سلمي للصراع الإيراني العراقي ووضع حد للحرب الدائرة بينهما.
وبقيت القضية الفلسطينية شغل الشاغل للعرب، حيث استنكر المؤتمر بكل صوره وأشكاله، بما في ذلك إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل داخل الأراضي العربية المحتلة وخارجها.
عقدت القمة العربية غير العادية الخامسة في عمان بالأردن في نوفمبر 1987م، حيث أعرب القادة العرب عن تضامنهم مع العراق والكويت إدانة للاحتلال الإيراني للأراضي العراقية والاعتداءات الإيرانية على الكويت.
ودعا مؤتمر القمة العربية غير العادية السادسة في الجزائر عام 1988م إلى تقديم الدعم الكامل لمقاومة الشعب الفلسطيني وانتفاضته، وطالب بعقد مؤتمر سلام في الشرق الأوسط تحت رعاية الأمم المتحدة، كما أدان المؤتمر العدوان الإسرائيلي على العراق وتونس ولبنان.
ووصلت سلسلة القمم العربية غير العادية إلى الدورة السابعة في الدار البيضاء بالمغرب في مايو 1989م ، حيث رحب المؤتمر بعودة مصر بكامل عضويتها إلى جامعة الدول العربية، كما بارك المؤتمر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ودعا دول العالم إلى الاعتراف بها.
وركزت القمة العربية غير العادية الثامنة في بغداد عام 1990م على دعم الانتفاضة الفلسطينية وإدانة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، كما أكد المؤتمر على أهمية اتفاق الطائف كإطار للحفاظ على مصالح جميع اللبنانيين وإنهاء دوامة العنف في لبنان.
وأدان المؤتمر تهديد الولايات المتحدة باستخدام القوة ضد ليبيا وقرار الكونغرس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
غزو العراق للكويت
بعد غزو العراق للكويت في عام 1990م ، انعقدت القمة العربية غير العادية التاسعة في القاهرة في أغسطس 1990م. وأدان المؤتمر بشدة العدوان العراقي على الكويت ورفض النتائج المترتبة عليه، وأكد المؤتمر على سيادة الكويت واستقلالها وسلامة أراضيها. وأعرب المؤتمر عن تضامنه مع دول الخليج العربية وشجب التهديدات العراقية ضدها.
انعقدت القمة العربية غير العادية العاشرة في القاهرة في يونيو 1996م، قررت القمة مبدئيًا إنشاء محكمة العدل العربية وكلفت المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة بإنشاء منطقة تجارة حرة عربية كبرى. وأكدت القمة على مواصلة عملية السلام كخيار استراتيجي وحث إسرائيل على الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي.
انعقدت القمة العربية غير العادية الحادية عشرة في القاهرة في أكتوبر 2000م. استجابت القمة لاقتراح سعودي بإنشاء صندوق انتفاضة القدس لتقديم الدعم لعوائل وأسر شهداء الانتفاضة. كما أنشأ المؤتمر صندوق الأقصى لتمويل المشاريع التنموية في القدس والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية. أعربت القمة عن تقديرها لمبادرات المملكة العربية السعودية للسلام في الشرق الأوسط ولدعمها المالي للانتفاضة الفلسطينية.
استؤنفت القمم العربية المنتظمة سنويًا ابتداءً من عام 2001م. اكدت القمة العربية العادية الثالثة عشرة في عمان بالأردن في مارس 2001م تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودولة الإمارات العربية المتحدة في سعيهما لاستعادة السيادة على الجزر المحتلة، ودعت القمة إلى تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك وتعزيز التضامن العربي.
دعم لبنان
انعقدت القمة العربية العادية الرابعة عشرة في بيروت بلبنان في مارس 2002م. تبنت القمة مبادرة السلام السعودية باعتبارها مبادرة عربية للسلام.
دعت القمة إلى دعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية وتقديم دعم مالي إضافية لصندوقي الأقصى والانتفاضة، حيث أقر المؤتمر بأهمية التوصل إلى تسوية سلمية عادلة ومشروعة للقضية الفلسطينية.
وأعرب المؤتمر عن تأييده للبنان في استكمال تحرير أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي، وأدان استمرار إسرائيل في احتلال مرتفعات الجولان العربية السورية، كما رفض المؤتمر بشكل قاطع الإرهاب بجميع أشكاله وصور، وأكد على أهمية تقاسم الموارد المائية بشكل عادل بين الدول المتشاطئة.
في مارس 2003م، انعقد مؤتمر القمة العربية العادية الخامسة عشرة في شرم الشيخ بمصر ، وأصدر بيانًا أكد فيه الرفض الشديد لشن حرب على العراق والتهديدات التي تعرض أمن وسلامة أي دولة عربية. كما أكد المؤتمر دعمه لصمود الشعب الفلسطيني.
وفي مايو 2004م، عقدت القمة العربية العادية السادسة عشرة في تونس ، وأدان البيان الختامي استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية. كما أكد المؤتمر على تأييد موقف لبنان في مواجهة إسرائيل واستكمال تحرير كامل أراضيه ، بما في ذلك مزارع شبعا ، وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 425.
كما أكد المؤتمر على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وانضمت إسرائيل إلى معاهدة حظر الانتشار النووي.
انعقدت القمة العربية العادية السابعة عشرة في الجزائر في مارس 2005م ، وركزت على الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث جدد المؤتمر التزامه بمبادرة السلام العربية بوصفها المشروع العربي لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
كما دان استمرار بناء جدار التوسع الإسرائيلي وأهمية قرار محكمة العدل الدولية بهذا الصدد، وأكد المؤتمر على إدانة الإرهاب بكل أشكاله والتمسك بأهمية المؤتمر الدولي للإرهاب الذي عقد في الرياض في فبراير 2005م.
انعقدت القمة العربية العادية الثامنة عشرة في الخرطوم في مارس 2006م ، جددت التأكيد على مركزية قضية فلسطين والخيار العربي لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، كما أكد المؤتمر على التمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرت في بيروت عام 2002م.
ودعت القمة إيران إلى سحب قواتها من الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وإعادتها إلى سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة.
إعلان الرياض
استضافت المملكة العربية السعودية القمة العربية العادية التاسعة عشرة في مارس 2007م في الرياض، أصدر القادة العرب “إعلان الرياض” الذي أكدوا فيه على أهمية تحصين الهوية العربية ودعم مقوماته ومرتكزاته، كما أوصوا بتطوير المناهج التعليمية والبحث العلمي ونشر الثقافة العربية والحضور القوي للغة العربية في جميع المجالات.
كما شدد الإعلان على رفض الإرهاب بجميع أشكاله وأهمية التسامح والتعايش السلمي والاحترام المتبادل للمعتقدات والمقدسات الدينية.
في قمة دمشق 2008 ، أكد القادة العرب على الالتزام بتعزيز التضامن العربي بما يحمي الأمن القومي العربي ويحترم سيادة كل دولة عربية وحقها في الدفاع عن نفسها وعدم السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية، كما أكدوا على تنفيذ قرارات القمم العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك وتعزيز دور الجامعة العربية بما يمكنها من أداء رسالتها وتحقيق الأهداف التي تتطلع إليها الأمة العربية.
وجدد الزعماء التأكيد على الوقوف صفا واحدا للتصدي للضغوط السياسية والاقتصادية المفروضة على أي دولة عربية واتخاذ إجراءات حازمة ضد أي تدخلات أجنبية تهدف إلى زيادة الخلافات والصراعات بين الدول العربية.
في مؤتمر القمة العربية العادية الحادية والعشرين في الدوحة بقطر في مارس 2009م ، أكد القادة العرب على الالتزام بالتضامن العربي والقيم والتقاليد العربية النبيلة واحترام سيادة الدول العربية وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وقدراتها، كما شددوا على تسوية الخلافات العربية بالحوار والعمل على تعزيز العلاقات العربية وتمتين أواصرها والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية.
أما في قمة سرت بليبيا في مارس 2010م ، يدعو القادة العرب إلى إنهاء الخلافات العربية وتحقيق التضامن العربي ، ويؤكدون على أهمية جامعة الدول العربية كأداة رئيسة للعمل العربي المشترك وتفعيل آلياتها بما يحفظ المصالح العربية المشتركة ويتصدى للتدخلات الأجنبية، كما تدعو القمة إلى تطوير مجلس السلم والأمن العربي وآليات عمله.
وتشدد القمة العربية العادية الثالثة والعشرون في بغداد بالعراق في مارس 2012م على الحل السياسي والحوار الوطني في الأزمة السورية ، وتطالب الحكومة السورية والمعارضة بالتعامل الإيجابي مع المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية (كوفي عنان)، كما تدعم القمة الحل السياسي ونبذ التدخل الأجنبي في الشؤون السورية.
وتختتم القمة العربية الرابعة والعشرون في قطر في مارس 2013م بالتأكيد على أهمية روابط البلدان العربية والتعاون والتكامل الاقتصادي ، وتدعو إلى تنفيذ القرارات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن القمم العربية السابقة.
في الدورة العادية الخامسة والعشرين لمؤتمر القمة العربية الذي انعقد في الكويت في شهر مارس عام 2014، أصدر القادة العرب إعلان الكويت الذي تضمن تجديد التزامهم بإيجاد حلول ملائمة للظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة العربية، وقد أكد الإعلان على ضرورة تحقيق الانسجام والتعاون والعمل المشترك لتصحيح مسار العلاقات العربية وتحقيق المصالح المشتركة للشعوب العربية وحماية حقوقهم.
كما تعهد الزعماء العرب بإنهاء الانقسام والخلافات الدائرة بينهم عن طريق إجراء حوارات بناءة وشفافة لتقريب وجهات النظر وجسر الفجوة بين الرؤى المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، فقد أعربوا عن استعدادهم لدعم الدول العربية التي تشهد تحولات سياسية واجتماعية ومساعدتهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز هياكلها التشريعية والتنفيذية، وكذلك تقديم المساعدات المادية والفنية لتلك الدول.
وشدد الإعلان على رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وضرورة إنهاء الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس، ووقف محاولات تهويد المدينة المقدسة والتغيير الجذري لمعالمها وطبيعتها التاريخية والقانونية، وأكد الإعلان على بطلان وعدم شرعية أية إجراءات إسرائيلية تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس ومقدساتها.
وقد أظهر البيان الصادر عن المؤتمر تمسك الزعماء والرؤساء العرب بالثوابت المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وإدانتهم لجميع أشكال التطبيع مع إسرائيل قبل استعادة كامل الحقوق العربية المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الانتهاكات ضد المسجد الأقصى
كما عبروا عن إدانتهم الحازمة للانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى ورفض محاولات الاحتلال الإسرائيلي انتزاع الولاية الأردنية الهاشمية عنه.
وفي مؤتمر القمة العربية السادس والعشرين الذي أقيم في شرم الشيخ بمصر في مارس 2015، أكد المشاركون على تضامنهم الكامل في التعامل مع التطورات الحالية في المنطقة، وضرورة اتخاذ مواقف عربية موحدة للتصدي للتحديات التي تواجهها الدول العربية، وجرى دعوة المؤسسات الدينية في العالم العربي إلى التعاون والتكاتف لمواجهة الأفكار المتطرفة والممارسات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية.
أما في مؤتمر القمة العربية السابع والعشرين الذي انعقد في موريتانيا في يوليو 2016، فقد تم التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك، ودعم صمود الشعب الفلسطيني أمام العدوان الإسرائيلي المستمر، ورحبت الدول المشاركة بالمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر سلام يهدف إلى التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس المبادرة العربية وحل الدولتين.
وطالبت القمم العربية مجلس الأمن والمنظمات الدولية باتخاذ التدابير اللازمة لوقف الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى والحفاظ عليه تحت رعاية الأردن، والتأكيد على رفض كل المحاولات الإسرائيلية لانتزاع الولاية الأردنية عن المسجد الأقصى، ودعت الدول المشاركة إلى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة وتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني في نضاله لنيل حقوقه المشروعة.
في مؤتمر القمة العربية الثامن والعشرين الذي انعقد في البحر الميت بالأردن في مارس 2017، أكد الزعماء العرب على ضرورة حماية العالم العربي من المخاطر التي تهدده وبناء مستقبل أفضل لشعوبه، وتم التأكيد على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك ووضع آلية عمل منهجية ومؤسسية للتعامل مع الأزمات ومواجهة التحديات.
وجرى المطالبة بضرورة استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين، ورفضت الدول العربية جميع الخطوات الإسرائيلية الأحادية التي تغير الواقع على الأرض وتقوض فرص تحقيق السلام، وطالبت بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وإدانة الاستيطان ومصادرة الأراضي.
الأزمة السورية
وأعربت القمة العربية عن دعمها لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة البلاد وسيادتها، وينهي وجود التنظيمات الإرهابية فيها، استناداً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وشددت القمة على رفض ربط الدين الإسلامي بالإرهاب، والتنديد بمحاولات تشويه صورته لربط الإسلام بالعنف والتطرف.
وفي القمة العربية التاسعة والعشرين التي عقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية في أبريل 2018، تم تسمية القمة بـ “قمة القدس”، وأعلنت المملكة عن تبرعات بقيمة 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس و50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).
وعقدت القمة العربية الثلاثون في تونس العاصمة في مارس 2019، وأكد المشاركون فيها أن ما يجمع الدول العربية أكثر بكثير مما يفرقها، وأن قوة الروابط الحضارية والثقافية والتاريخية والمصير المشترك هي العروة الوثقى التي تربط بين الشعوب العربية.
وتأجلت القمة العربية الحادية والثلاثون التي كان مزمعاً عقدها في الجزائر في مارس 2020 بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا، ولكن تم إجراؤها أخيراً في نوفمبر 2022. وتصدر جدول أعمال القمة بحث القضية الفلسطينية وإعادة تأكيد مركزية هذه القضية لدى الأمة العربية بأكملها. وجرى التمسك بخيار السلام الاستراتيجي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.