تشهد القضية الفلسطينية تطوّرات متسارعة بشكل يومي منذ اندلاع القتال بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية، تتقدّمها حركة حماس، في 7 أكتوبر الماضي.
وضمن آخر التطوّرات، طلب المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكّرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويوآف جالانت وزير الدفاع، بتهمة تحمُّلهما “مسؤولية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أراضي قطاع غزة خلال الحرب الجارية”.
كما طالبت المحكمة بإصدارات مماثلة بحق: يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة، ومحمد الضيف القائد الأعلى لكتائب القسَّام، وإسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحماس.
وعن مدى انعكاس قرارات المحكمة الجنائية الدولية على الحرب في قطاع غزة، يقول الدكتور حسن مرهج الباحث الفلسطيني والمُحاضر في كلّية الجليل بالناصرة: “لا بدّ مِن توضيح أن توجُّه المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار مذكّرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت من جهة، وقياديّي حركة حماس إسماعيل هنية ومحمد الضيف ويحيى السنوار من جهة ثانية، هو بمثابة صفعة لإسرائيل بالدرجة الأولى، وهنا لا بدّ مِن القول بأن توجّه المحكمة قد يكون تجاه قادة إسرائيل شكليا، نظرا لقدرة الولايات المتحدة على الضّغط على المحكمة الدولية، وكذلك الاتحاد الأوروبي، وحتى إن صدر أي قرار لن يكون مُلزما، لا سيما أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل قادرتان على تمييع القرار وإفراغه مِن مضمونه”.
ويضيف حسن مرهج، في حديث خاص لـ”الوئام”: “أمَّا الجانب الفلسطيني، فلا بد مِن توضيح أن قرار ’الجنائية الدولية’ يساوي بين الضحيّة والجلاد، وبين مقاوم ومُحتل، إلا أنّه ومِن الناحية العملية ينعكس هذا التوجُّه القضائي الدولي بشكل سلبي ومباشر أيضا على قادة ’حماس’ ويشرع أبواب نبذهم في كلّ دول العالم”.
ويوضّح الأكاديمي الفلسطيني: “فيما يتعلّق بنتنياهو وجالانت، فإنَّ هذه القرارات قد تعمل على تسريع إنهاء حياتهما السياسية في الداخل الإسرائيلي، والأهم أنّ القرار يضغط بالنتيجة على المؤسسة العسكرية في إسرائيل، خاصةً أنّ هذه المؤسسة تشهد تناقضات داخل الحكومة الإسرائيلية، وينتظر أن يمارس هذا التوجّه تأثيره أيضا على استمرار التسليح والتمويل الأمريكيين والغربيين للحرب الإسرائيلية”.
ويرى حسن مرهج أنّ “قرارات المحكمة الجنائية الدولية لها تأثير على الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني أولا، وعلى الحرب الحالية في قطاع غزة ثانيا، إذ إنّه مِن الممكن أن تُسهم قرارات المحكمة في تغيير ديناميكية الصّراع، وتشجيع الأطراف المُتنازعة على التوصّل لحل سلمي، فإذا كانت هناك إمكانية محاكمة المسؤولين في إسرائيل أو ’حماس’، فإنَّ هذا الأمر قد يُشجّع الأطراف على التفاوض والتوصّل لاتفاق سلام لتفادي المحاكمة، وهذا ما ينطبق على قادة إسرائيل وقادة حماس”.