يُشكل المهاجرين غير الشرعيين أزمة كبيرة لتونس مع وجود الآلاف منهم في مدن مثل صفاقس وبنزرت، على أمل العبور إلى الضفة الأخرى الأوروبية، وفي نفس الوقت، وجّه حقوقيون ومنظمات حقوقية دولية اتهامات لتونس بإساءة معاملة المهاجرين غير النظاميين.
وعن جهود تونس في إنقاذ المهاجرين والتعامل مع الهجرة غير الشرعية، يؤكد محمود المزوغي، الخبير الأمني والعميد المتقاعد في الجيش التونسي، أن بلاده تلعب دوراً كبيراً وحاسماً في عمليات إنقاذ المهاجرين، نظراً للموقع الجغرافي المتميز للبلاد في البحر الأبيض المتوسط، وتتيح مناطق البحث والإنقاذ الاستجابة السريعة والفعالة لحالات الاستغاثة في البحر، ما ينقذ الأرواح البشرية، خصوصاً أرواح المهاجرين والبحارة الذين يواجهون الصعوبات والمخاطر.
ويقول محمود المزوغي، في حديث خاص لـ”الوئام”، إن التغطية الفعّالة للبحث والإنقاذ تعمل على تحسين السلامة البحرية من خلال تقليل مخاطر الحوادث في البحر وتوفير استجابات سريعة للحوادث، كما تعمل على تعزيز التعاون الدولي مع دول البحر الأبيض المتوسط والمنظمات البحرية الأخرى، مما يعزز العلاقات الدبلوماسية والأمنية.
ومن خلال وجود مناطق بحث وإنقاذ محددة، يرى الخبير الأمني أن تونس تثبت التزامها بالمسؤوليات الإنسانية والدولية، ما يسهم في تعزيز سمعتها على الساحة العالمية، علاوة على تمكينها من تعزيز المهارات البحرية والبنية التحتية للبلاد، بما في ذلك قدرات المراقبة والاتصالات.
ويشير المزوغي إلى أن عمليات البحث والإنقاذ مكلفة، إذ تتطلب استثمارات كبيرة في سفن الإنقاذ والمعدات وتدريب الأفراد والبنية التحتية، للتنسيق والاتصالات، وإذا ما خصصت تونس الموارد الضرورية للحفاظ على قدرات البحث والإنقاذ وتحسينها، فإن ذلك سوف يضغط على القطاعات الأساسية الأخرى، ويقلل من فرص الاستثمار في مجالات اقتصادية مهمة أخرى.
كما أن إدارة منطقة البحث والإنقاذ تعني، وفقاً للخبير الأمني، زيادة مسؤولية تونس في حالة وقوع حوادث بحرية، ما يتطلب تنسيقاً واستجابة عالية لتجنب الأزمات الإنسانية، ويمكن أن تؤدي عمليات البحث والإنقاذ إلى مشاكل قانونية وسياسية، لا سيما فيما يتعلق بإدارة المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر، واستقبالهم، ومعاملتهم، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى توترات دبلوماسية أو داخلية.
ويضيف العميد المتقاعد في الجيش التونسي أنه “يمكن لعمليات البحث والإنقاذ، خاصة تلك المتعلقة بالهجرة غير النظامية، أن تعرض أفراد الإنقاذ لمخاطر أمنية، بما في ذلك المواجهات مع المتاجرين أو حوادث العنف في البحر”.
المزوغي يختتم حديثه قائلاً: “في المجمل، فإن توفر مناطق البحث والإنقاذ في تونس له مزايا من حيث إنقاذ الأرواح، والأمن البحري، والتعاون الدولي، لكنه يتطلب تكاليف مالية ومسؤوليات متزايدة، قد تضر بالاقتصاد والأمن القومي”.