تستمر الجهود الإقليمية والدولية لحل أزمة السودان الذي يشهد حرباً واسعة، دخلت عامها الثاني دون توقف، بين الجيش ومليشيات الدعم السريع.
كما تواصل قوات الدعم السريع، محاولتها السيطرة على ولاية سنار، في إطار جهودها لتوطيد سيطرتها على وسط وغرب البلاد، مما أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، بجانب تدهور الأوضاع المعيشية والصحية بشكل مستمر في مدينة بحري ومعظم المدن التي شهدت البنى التحتية لها تدمير شبه كامل، فماذا يحدث في الأزمة السودانية؟
مؤامرة خارجية
وعن آخر التطورات في السودان، تقول أمل أبوالقاسم، المحللة السياسية السودانية: “الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، لا تزال تشهد استمرار عمليات الكر والفر، وتتوالى الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع، بينما يعمل الجيش على تطهير بعض المدن والمناطق من وجود الدعم السريع، فيما تستهدف الأخيرة مناطق أخرى بهجمات متعددة، وبالتالي فالأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، والأمل في الدور السعودي الذي لا يكف عن محاولة تقريب وجهات النظر لحل الأزمة، بالتعاون مع شركاء إقليميين ودوليين”.
وتضيف أمل أبوالقاسم، في حديث خاص لـ”الوئام”: خلال اندلاع الصراع المروّع في السودان العام الماضي، سعت قوات الدعم السريع للحصول على دعم خارجي، في سبيل حسم الصراع لصالحها ضد القوات النظامية للبلاد، وقدمت عدة دول الدعم للقوات المتمردة، أملاً في الحصول على امتيازات داخل السودان، في حال انتصارها على القوات النظامية.
وأكدت المحللة السياسية أن هذا الدعم يشكل تهديداً بتوسيع الصراع الذي يضر بالمقام الأول بالشعب السوداني، إذ قتل وهجر مئات الآلاف خلال ما يقارب على عام ونصف العام من الصراع العسكري.
وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، طالب مجلس الأمن، في أبريل الماضي، بإدانة الدول التي تعمل على تأزيم الموقف، وقال إن “الصراع في السودان ما كان سيستمر إلى عام، لولا الدعم العسكري الذي تقدمه بعض الدول الراعي الإقليمي للدعم السريع”.
وعن امتداد المعارك، يقول فتحي مادبو، رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة السوداني، إن فتح الدعم السريع جبهة في ولاية سنار، ليس الغرض منه توسيع رقعة سيطرتها، فهي قوات لا تقاتل من أجل أهداف سياسية واضحة المعالم، إنما غرضها السلب والنهب والغنائم، وهي تحارب المواطن السوداني، والحمد لله تصدت لها القوات المسلحة والمقاومة الشعبية، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري، وهو ما يسهل القضاء على قوتها الصلبة، وبالتالي تحرير ولاية الجزيرة، ويكون مصيرهم إما الاستسلام أو الموت.
وفيما يخص الجهود السياسية الدبلوماسية والسياسية، ينوّه السياسي السوداني بأن المبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو، تحرك في جولة، شملت مصر وكينيا والسعودية، بهدف استئناف منبر جدة، وحكومة السودان أكدت أنها مستعدة للعودة للمنبر متى التزمت قوات الدعم السريع بتعهداتها التي وقعتها في جدة، وهي إخلاء بيوت المواطنين والأعيان المدنية، وسحب كل المظاهر العسكرية من الطرقات العامة، والسماح بمرور الإغاثة للمتأثرين دون عوائق أو قيود.
جهود سعودية
ضمن محاولات رأب الصدع وإنهاء القتال في السودان، أجرى نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، مطلع الأسبوع الماضي، زيارة إلى مدينة بورتسودان، تُعد هي الأولى لمسؤول سعودي إلى السودان، منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل العام الماضي.
في تلك الزاوية، تقول الباحثة السودانية أمل أبوالقاسم إن لقاء نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، في بورتسودان، يترجم الموقف السعودي الداعم لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في السودان، ومحاولات الدفع المستمرة باتجاه استكمال ما توصلت إليه مفاوضات منبر جدة، باعتبارها سبيلا مهما لحل الأزمة.
وتختتم المحللة السودانية حديثها قائلة إن الحرب في السودان ترتبط بالجانب العسكري وكذلك المدني، إذ إن الجيش كرر كثيراً عدم ممانعته استئناف منبر جدة، بعد الموافقة على الشروط التي وضعها مسبقاً من خروج الدعم السريع من الأعيان والمدن وبيوت المواطنين، والتجمع في نقطة بالأطراف، وكلها شروط تضمن الأمن في السودان.
في نفس السياق، زار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، في بورتسودان، وجاءت هذه الزيارة المفاجئة على ضوء الخلافات التي تداولتها وسائل الإعلام مؤخراً بين البلدين.
في سياق ذات صلة، أشار الكاتب والمحلل السياسي أحمد عبدالله، إلى أن حكومة البرهان هي الحكومة الشرعية الوحيدة في السودان، والبرهان هو الرئيس المعترف به من قبل الأمم المتحدة.
ويُضيف أحمد عبدالله أن زيارة وزير الخارجية السعودي برسالة خطية من الديوان الملكي السعودي، وزيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للبرهان، تعززان شرعية البرهان في المجتمع الدولي.
ويؤكد عبدالله أن البرهان يستمد شرعيته من بيان القوات المسلحة الأول الذي تم فيه خلع البشير، وليس عليه ولا على القوات المسلحة، وفق نص البيان الأول، أي التزام غير تسليم السلطة لحكومة منتخبة بعد الفترة الانتقالية، وهذا الالتزام نعلم جميعاً من الذي كان يتهرب منه، وأن البرهان والجيش إلى الآن ملتزمان به.