الدكتور يوسف بدر – الباحث المتخصّص في العلاقات الدولية
تعاني منطقة الشرق الأوسط العديد من الصراعات والحروب، إذ تشهد المنطقة تشكّلا لمفهوم “الشرق الأوسط الكبير” الذي يمتدّ حتى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، ما أدى لصراع بين ممرات التجارة والطاقة، إذ يؤثّر ما يحدُث من تدمير وقتال على مناطق الممر الجنوبي (المحيط الهندي، بحر العرب، البحر الأحمر، البحر المتوسط)، وهو ما يصبّ في صالح الممر الأوسط (آسيا الوسطى، بحر قزوين، إيران، جنوب القوقاز، تركيا).
وهنا تأتي مهمة الحرب بالوكالة؛ فالحوثيون في اليمن، ظاهريا وجهتهم نحو القدس، لكن وظائفيا هم يخدّمون على أصحاب الممر الأوسط، حيث تهرب حركة التجارة والطاقة إلى مناطقهم.
كذلك، ما يحدُث في لبنان الذي يبدو أنه تحت وصاية دولية من أطراف خارجية مختلفة، بينها أوروبا وروسيا وإيران، لكن في النهاية كأنّ هذه الأطراف قد اتفقت على أن هذا “البلد الجميل” يتلقّى لكمات مصارعتهم بدلا من وجوههم!
وبالنسبة إلى حزب الله اللبناني، فالأمر واضح تماما، إيران تصرخ في وجه إسرائيل من أجل أن تستعيد مكانتها الإقليمية، في ظلّ طموحاتها بالعودة إلى ممرّها التاريخي ومناطق شرق المتوسط، وكذلك مدّ نفوذها إلى عمق أفريقيا وممرات التجارة على طول البحر الأحمر.
لكن حزب الله يتولّى تلك المقاولة بتأهيل المليشيات وتدريبها وتمويلها، وبدلا من أن تتلقّى إيران الضربات من إسرائيل، يتلقّاها حزب الله، أي يتحمّل لبنان ضريبة علاقة حزب الله بإيران.
مِن الواضح أن المنطقة باتت في حاجة ماسّة إلى إعادة النظر في فهم تركيباتها الإثنية، ويجب على قوى المنطقة معالجة أسباب الاستقطاب الخارجي، وليس اتباع سياسات تعزّز من الاستقطاب الخارجي في المنطقة التي تحوّلت إلى منطقة حروب بالوكالة لصالح قوى إقليمية؛ مثل إيران وإسرائيل وتركيا، وأخرى دولية، مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.