في 7 أكتوبر 2023، اندلعت واحدة من أكثر الحروب دموية بين غزة وإسرائيل، مخلفة خسائر بشرية جسيمة على كلا الجانبين، وتداعيات إنسانية تفاقمت مع مرور الوقت.
بعد مرور عام على هذا العدوان، تظل الأزمة مستمرة مع تزايد عدد الضحايا وتعقيد الوضع الميداني والسياسي.
الأثر على قطاع غزة
منذ بداية الحرب، تكبد الفلسطينيون في قطاع غزة خسائر ضخمة، حيث بلغ عدد القتلى 41.467 شخصًا، وهو ما يمثل حوالي 2% من إجمالي سكان القطاع الذي كان يضم 2.2 مليون نسمة قبل الحرب، كما وصل عدد الجرحى إلى 95.921 شخصًا.
في الضفة الغربية المحتلة، لم يكن الوضع أقل قسوة، حيث قُتل 716 شخصًا نتيجة المواجهات المستمرة و6158 مصابًا.
تشير الإحصاءات إلى أن 15.19% من القتلى هم من النساء، بينما يمثل الرجال 33.13%، وكبار السن 7.13%، والأطفال 27.38%، إضافةً إلى ذلك، تبقى 17.18% من الضحايا مجهولي الهوية بسبب نقص المعلومات اللازمة لتصنيفهم.
التأثير على إسرائيل
أما في الجانب الإسرائيلي، فقد كان هجوم 7 أكتوبر واحدًا من أكثر الهجمات دموية في تاريخ البلاد، حيث بلغ عدد القتلى نحو 1200 شخص، بالإضافة إلى إصابة 5400 شخص.
في إسرائيل، لقي 346 شخصًا حتفهم جراء الحرب، في حين شهدت المواجهات في غزة إصابة 2290 شخصًا من الإسرائيليين.
ملف الرهائن
إحدى أكثر القضايا تعقيدًا منذ بدء الحرب هي قضية الرهائن، ففي 7 أكتوبر 2023، تم أسر 251 شخصًا، ومع مرور الوقت، تم استعادة 37 جثة، بينما أُفرج عن 117 رهينة أو تم إنقاذهم، لا يزال 97 شخصًا في قبضة الأسر في غزة، ويُعتقد أن 64 منهم لا يزالون على قيد الحياة، في حين يُفترض وفاة 33 شخصًا.
الدمار الإنساني والاقتصادي
تسببت الحرب في جعل قطاع غزة منطقة غير آمنة، حيث تحولت أكثر من 200 مدرسة، غالبيتها تابعة لوكالة الأونروا، إلى ملاجئ لمئات الآلاف من النازحين، فيما اختفت مراكز الرعاية الصحية.
وأشار مدير الإعلام الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إلى أن إسرائيل دمرت جميع الجامعات والمنشآت الصناعية والتجارية، بالإضافة إلى محطة توليد الكهرباء الوحيدة، ومضخات المياه، ومرافق الصرف الصحي، ومراكز الشرطة والدفاع المدني، والسجون.
كما أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى تدمير كلي أو جزئي لحوالي 450 ألف منزل ومنشأة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ودور العبادة، مما أثر على أكثر من 80% من البنية التحتية في القطاع، وفقًا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة.
وأفادت تقارير من منظمات تابعة للأمم المتحدة بأن الضربات الإسرائيلية حولت مناطق واسعة من القطاع إلى أكوام من الركام. وبحلول منتصف عام 2024، انخفض اقتصاد غزة إلى أقل من سدس مستواه في العام 2022، وفقًا لتقرير للأمم المتحدة، الذي أوضح أن الأمر “سيستغرق عقودًا” لإعادة غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي
تلقى الاقتصاد الإسرائيلي ضربة قاسية جراء الحرب المدمرة على قطاع غزة، مما يعزز التوقعات بدخوله مرحلة ركود طويلة وغياب الرؤية المستقبلية، خصوصًا مع اندلاع صراع جديد مع حزب الله في لبنان.
في تقاريره الأخيرة، توقع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة تقارب 20% في الربع الرابع من عام 2023، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للنزاع.
أثرت هذه الحرب بشكل كبير على تكلفة المعيشة في إسرائيل، مما ساهم في تراجع اقتصادي متوقع وزيادة معدلات الفقر، وفقًا للخبراء. كما أدت إلى الإطاحة بتوقعات تحسن نمو الاقتصاد، الذي يعاني حاليًا من خسائر في قطاعات حيوية نتيجة الإنفاق المالي الضخم على الحرب، مما تسبب في عجز كبير في الميزانية وفرض تقشفات في ميزانية عام 2025.
تشير التقديرات إلى أن تكلفة الحرب على قطاع غزة ستكون الأعلى بين جميع الحروب الإسرائيلية السابقة، حيث يُتوقع أن تتجاوز 67 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقًا للبنك المركزي الإسرائيلي.
الاستجابة الدولية والأفق السياسي
على الرغم من المحاولات الدولية لوقف القتال وإنهاء النزاع، لا تزال الجهود السياسية تراوح مكانها، الأوضاع الإنسانية في تدهور مستمر، وتظل الحلول الدبلوماسية بعيدة عن التحقق.
في ظل هذه الأزمة المستمرة، تبقى جهود المجتمع الدولي ضرورية للتوصل إلى حل دائم ينهي هذه الدوامة من العنف.