تتواصل الجهود السعودية لمساندة القضية الفلسطينية، في كافة المحافل الدولية والعربية، واتضح ذلك جليًا منذ بداية الحرب على غزة التي تحل ذكراها الأولى غدًا الإثنين الموافق 7 أكتوبر، حيث تنوعت المساهمات السعودية لفلسطين، ما بين مواقف السياسية والدبلوماسية ومساعدات إغاثية وإنسانية وطبية.
ومنذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، قادت السعودية الجهود السياسية والدبلوماسية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني وقضيته ودعم مؤسساته الرسمية وتوفير المساعدات الإغاثية، والدفع نحو حل الدولتين.
وفي خطوة تعكس التزام السعودية بدعم القضية الفلسطينية والسعي لتحقيق حل شامل يضمن الحقوق الفلسطينية، أعلن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، في 27 سبتمبر الماضي، عن إطلاق تحالف دولي لدعم إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، خلال اجتماع وزاري في نيويورك حول “الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين”.
حرب غزة
وتواصل السعودية جهودها لدعم الفلسطينيين في المحافل الدولية، حيث تعمل على تعزيز الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، ودعت إلى ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من خلال الأمم المتحدة. وفي الآونة الأخيرة، مؤكدة على أهمية تعزيز التعاون الدولي لإيجاد حل دائم ومستدام للقضية الفلسطينية.
وفي نهاية أبريل الماضي، استضافت السعودية، اجتماعًا عربيًا إسلاميًا أوروبيًا بمشاركة 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي لمناقشة “الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية”.
وبالتزامن مع الجهود السياسية والدبلوماسية التي تقودها السعودية، تتدفق المساعدات السعودية برًا وبحرًا وجوًا على قطاع غزة، بهدف إيصال المواد الإغاثية العاجلة التي يحتاجها أهالي غزة.
وكان خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وجها بإطلاق الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني.
وقاد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، منذ بدء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، جهود الإغاثة لإنقاذ الشعب الفلسطيني وتخفيف آلامه، وأطلق المركز حملة شعبية عبر منصة “ساهم” جمعت أكثر من 698 مليون ريال.
ودشنت السعودية جسرًا جويًا وبحريًا، وصل منه حتى الآن 54 طائرة و8 بواخر محملة بالمساعدات الإنسانية. ووقع المركز 5 اتفاقيات مع عدة منظمات أممية لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة بقيمة إجمالية تبلغ 80 مليوناً و750 ألف دولار أمريكي.
جهود دبلوماسية
في نوفمبر الماضي عقدت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، وكلفت القمة اللجنة الوزارية التي ترأسها السعودية، بالتحرك الدولي لبلورة موقف عالمي للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة وحماية أرواح المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية
وأجرت اللجنة عددًا من الزيارات لعواصم أوروبية ودولية فاعلة، فضلًا عن سلسلة من الاجتماعات، لتنفيذ المبادرة السعودية التي تبنتها القمة العربية الإسلامية المشتركة.
رفض وعد بلوفر
منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، كانت القضية الفلسطينية في صلب السياسة الخارجية السعودية، وتبنت مواقف ثابتة ومؤثرة لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
تنوعت مواقف المملكة بين الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني والمالي، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في مناصرة القضية الفلسطينية.
ورفض الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، الاعتراف بوعد بلفور وعارضه بشدة، وعبر عن موقفه الرافض في العديد من اللقاءات مع القادة الغربيين، ودعم ثورة الفلسطينيين ضد الاحتلال.
وفي عام 1935، بعث الملك عبد العزيز،ولي عهده الأمير سعود بن عبد العزيز آنذاك، إلى فلسطين لتفقد أوضاع الفلسطينيين عقب ثوراته المتعددة ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وقال الملك سعود خلال الزيارة: “أبناء الشعب الفلسطيني هم أبناؤنا وعشيرتنا، وعلينا واجب نحو قضيتهم سوف نؤديه”.
رفض التقسيم
وفي عام 1937، بعد صدور مشروع تقسيم فلسطين الذي أقرته لجنة بيل، رفض الملك عبدالعزيز المشروع في خطاب إلى الوزير المفوض البريطاني في جدة، وجاء في الخطاب: “لا يوجد عربي صادق يوافق على التقسيم، وإذا قيل لكم، إن أفرادا في بلد عربي يوافقون على التقسيم فثقوا أن أغلبية ذلك البلد لن توافق عليه”
وشدد الملك عبدالعزيز وقتها على رفضه للمشروع، وكلف ابنه الأمير فيصل، بتشكيل لجان شعبية في السعودية لجمع التبرعات للفلسطينيين، وبذلت السعودية جهودًا كبيرةً وقتها لحل القضية الفلسطينية.
وشاركت السعودية في مؤتمر لندن المعروف بـ”مؤتمر المائدة المستديرة” لمناقشة القضية الفلسطينية، عام 1939.
وفي عام 1943 أسست السعودية قنصليتها العامة في القدس لتسهيل الاتصالات مع الشعب الفلسطيني وتيسير الدعم لقضيته العادلة. وساهمت السعودية بشكل أساسي في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، والتي تبنت القضية الفلسطينية كجزء من جدول أعمالها الدائم
عقود من العمل لحل القضية الفلسطينية
استمرت السعودية في نهجها الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته، ولعبت دورًا فاعلًا في دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والإقليمية والإسلامية والعربية. وشاركت السعودية في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بحل القضية الفلسطينية على مدى عقود ومنها مؤتمر مدريد عام 1991.
وجاء مؤتمر مدريد، عقب مشروع الملك فهد للسلام (ولي العهد آنذاك)، الذي طرحه في القمة العربية بمدينة فاس المغربية في ثمانينيات القرن الماضي، ونال موافقت الدول العربية، وأصبح وقتها أساسًا للمشروع العربي للسلام.
وفي قمة القدس عام 2000، التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، قدم الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) مبادرة السلام العربية، وهي مبادرة متكاملة لحل القضية الفلسطينية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد في قمة بيروت في 2002.
القيادة الرشيدة
كان ولا يزال، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في مقدمة الداعمين للشعب الفلسطيني وقضيته، وأكد مرارًا على موقف السعودية الثابت الذي لا يتزحزح عبر تاريخها من القضية، منذ مؤسسها الملك عبد العزيز -رحمه الله- وحتى الآن.
وأصدر الديوان الملكي، عقب قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بيانًا أعربت فيه السعودية عن أسفها الشديد جراء الإعلان الأمريكي، مؤكدة أنها حذرت من العواقب التي وصفتها بـ”الخطيرة”.
ومنذ بداية الحرب في غزة، أجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالات عدة مع عدد من رؤساء الدول لإيجاد حل يكفل السلامة والأمن للشعب الفلسطيني، كما اجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكثر من مرة، وتباحث معه لإيجاد حلٍ لهذه الأزمة.