انطلقت اليوم الثلاثاء في الرياض، النسخة الثامنة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، الذي عُقد في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات تحت شعار “أفق لا متناهِ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد”. ومن المقرر أن يناقش المؤتمر مجموعة واسعة من القضايا الحيوية التي تشغل العالم، مثل دور إفريقيا في الاقتصاد العالمي، وتمكين المرأة، والاستقرار الاقتصادي، ومكافحة التغير المناخي، والذكاء الاصطناعي، والابتكار، والصحة، والقضايا الجيوسياسية.
لمتابعة تغطية “الوئام” لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض.. اضغط هنا
السعودية تنتقي المستثمرين بعناية
وقد وصف بعض الحضور في السنوات السابقة الحدث بأنه فرصة ذهبية للمال السعودي، لكن اقتصاديون تحدثوا إلى CNBC هذا العام رسموا صورة مختلفة تمامًا، حيث تفرض السعودية في الوقت نفسه المزيد من المتطلبات على المستثمرين، في ظل مواجهة انخفاض الإيرادات بسبب انخفاض أسعار النفط وإنتاجه.
عمر يعقوب، شريك في شركة الاستثمار الأمريكية ABS Global، التي تدير نحو 8 مليارات دولار من الأصول، قال لـ CNBC: “من دون شك، أصبح جذب المال من المملكة أكثر تنافسية بكثير.. لقد كان الجميع يذهبون لجني الأموال ثم يرحلون، لم يعد هذا ممكنًا الآن من دون المساهمة في بناء مستقبل الاستثمار في السعودية”.
وأضاف يعقوب: “لقد زادت المنافسة على رأس المال، بالتزامن مع عوامل أخرى مثل تحيز السعودية للاستثمار المحلي، بالإضافة إلى الديناميكية الأوسع لميزانية أكثر ضيقًا في جميع أنحاء المملكة بسبب انخفاض أسعار النفط”. وهو يشير إلى أن هذا يعني أن الاستثمار دوليًا أصبح أكثر انتقائية بكثير.
انتهت سياسة خذ أموالنا واخرج
مع تقدم السعودية بخطى حثيثة نحو التركيز على الاستثمار المحلي، قدمت شروطًا أكثر صرامة للأجانب الذين يأتون إلى المملكة لاستثمار رؤوس الأموال في أماكن أخرى.
وقد شهد صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ أصوله 925 مليار دولار، زيادة بنسبة 29% في أصوله لتصل إلى 2.87 تريليون ريال سعودي (765.2 مليار دولار) في 2023، وما يقرب من 1 ترليون دولار حاليًا. وكان الاستثمار المحلي محركًا رئيسيًا لهذه الزيادة.
يهدف قانون الاستثمار المحدث في السعودية أيضًا إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وقد وضعت هدفًا طموحًا يتمثل في جذب 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنويًا بحلول 2030.
يقول فادي عاربيد، الشريك المؤسس ورئيس قسم الاستثمار في شركة “أموال كابيتال بارتنرز”: “لم يعد الأمر مجرد ‘خذ أموالنا واخرج’ بل يتعلق بإضافة قيمة”. وتتمثل القيمة هنا في توظيف الناس، وتطوير نظام إدارة الأصول، وإنشاء منتجات جديدة، وجلب المواهب، والاستثمار في الأسواق المالية السعودية. لذا، فإن الاستثمار أصبح متعدد الجوانب، وليس مجرد صفقة مالية بحتة.
قرار المقر الإقليمي
يشير مديري الصناديق الذين يمتلكون سنوات من الخبرة في الخليج، في حديثهم لـ CNBC، أنه قد يكون الوقت متأخرًا جدًا للعديد من المستثمرين الذين يقومون بأولى محاولاتهم في المملكة.
يقول عاربيد: “كان يجب عليك البدء في هذه العملية قبل عامين أو ثلاثة أو أربعة”. ومع ذلك، أضاف: “بالنسبة لأولئك الذين يتواجدون في الصف الآن، لا يعني ذلك أنهم يجب أن لا يتخذوا موقفًا لكن عليهم أن يعلموا أن السعوديين الآن أصبحوا أكثر حرصًا ويقولون إن المستثمرين بحاجة إلى الالتزام بالبلد”.
أحد الأمثلة هو قانون المقر الرئيسي، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 يناير 2024، ويطلب من الشركات الأجنبية العاملة في الخليج أن تُقيم مكاتبها الإقليمية في الرياض إذا أرادت الحصول على عقود مع الحكومة السعودية.
الاستثمار في ظل التوترات الإقليمية
يُعقد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في ظل حرب إقليمية، وتصاعد للتوترات السياسية والعسكرية. ومع ذلك، بدت أسعار النفط والاقتصاد السعودي حتى الآن في منأى عن الأضرار.
يضيف عاربيد: “لقد قامت السعودية بعمل رائع مؤخرًا لحماية نفسها من الأحداث الجيوسياسية”. وتعزز ذلك أيضًا بحقيقة أن المستثمرين المحليين يشكلون الغالبية العظمى من المشاركين في السوق، وثقة المستثمرين المحليين قوية.
وارتفع مؤشر “تداول” لجميع الأسهم، وهو المؤشر الرائد لسوق الأسهم السعودية، بنسبة 16.48% في العام الماضي.
كما توقعت وكالة بلومبرغ أن يتم الإعلان عن صفقات استثمارية ضخمة تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار خلال المؤتمر، الذي سيشهد مشاركة حوالي 5000 ضيف و500 متحدث، مما يجعله منصة عالمية لتبادل الأفكار وبناء الشراكات الاستراتيجية.