عبود بن علي آل زاحم
في عصرنا الحالي، لم يعد الحديث عن القيادة والإدارة مرتبطًا بالجنس أو التصنيفات التقليدية التي كانت تفرق بين الرجل والمرأة في الأدوار القيادية، فالعالم يتجه اليوم نحو إعلاء قيمة الكفاءة والمهارة كمعيارين أساسيين في تحديد من يصل إلى المناصب القيادية، بعيداً عن المعايير السطحية التي كانت سائدة في الماضي.
لقد أثبتت التجارب العملية أن النجاح في القيادة يعتمد بشكل كامل على قدرات الشخص وإمكانياته في إدارة الفريق وتحقيق الأهداف، دون اعتبار لجنسه، فهذا التوجه يعكس روح العصر الجديد، والذي أصبحت فيه الكفاءات الفردية هي الأساس في النجاح والتأثير.
وبغض النظر عن النوع الاجتماعي، فالمدير الناجح هو من يستطيع إدارة فريقه بفعالية، ويمتلك رؤية واضحة للتقدم والنجاح، والقُدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، والتعامل مع التحديات، وتوجيه الفريق نحو تحقيق الأهداف المشتركة هي العناصر الحقيقية التي تحدد مدى نجاح المدير.
وقد أظهرت العديد من الدراسات والبحوث أن المهارات القيادية لا ترتبط بأي شكل بجنس الشخص، بل بقدرته على فهم احتياجات فريقه وتوظيف مهاراته في المكان المناسب.
في السعودية، ومع إطلاق رؤية 2030، شهدنا تحولاً كبيرًا في مفهوم القيادة، فقد ركزت الرؤية على بناء مجتمع حديث يعتمد على الكفاءات وتساوي الفرص، وهو ما يعني تمكين الرجال والنساء على حد سواء من تولي المناصب القيادية بناءً على جدارتهم، فهذه الرؤية الطموحة تسعى إلى خلق بيئة عمل متكاملة تدعم الإبداع والابتكار، وتفتح الأبواب أمام الجميع للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.
وإحدى أهم النقاط التي أظهرتها رؤية 2030، هي تعزيز دور المرأة في المجتمع السعودي وزيادة مشاركتها في سوق العمل والمناصب القيادية، ففي السنوات الأخيرة، رأينا تطورًا ملحوظًا في هذا المجال، حيث تولت العديد من النساء السعوديات مناصب قيادية في قطاعات مختلفة، مما يؤكد أن النجاح في القيادة لا يميز بين رجل وامرأة، بل يعتمد على المهارة والجدارة.
الشخصية القيادية التي دعمت فريقها وعملت على توجيههم خير مثال على ذلك، من خلال توجيهها السليم ودعمها المستمر، تمكن الفريق من تحقيق نتائج مذهلة، لم يكن نجاحها نابعًا من كونها امرأة، بل من إيمانها بقدرات فريقها واستعدادها لتقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب.
هذه القيم القيادية تمثل نموذجًا يحتذى به في عالم الأعمال اليوم، حيث يتم التركيز على تقديم الدعم والمساندة للفريق لتحقيق الأهداف المشتركة.
في ظل رؤية 2030، بات تمكين المرأة السعودية جزءًا لا يتجزأ من مسيرة التنمية الوطنية، فالمملكة تهدف إلى رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات أعلى، مع تمكينها من الوصول إلى المناصب القيادية.
هذه التوجهات تأتي لتعكس التزام المملكة بتعزيز المساواة بين الجنسين في جميع المجالات، ومنح الفرص المتساوية للجميع، دون تمييز.
في الماضي، كانت هناك تصورات نمطية حول قدرة النساء على القيادة، وقد تم تعزيز هذه التصورات بسبب النظرة التقليدية التي كانت تفصل بين أدوار الرجل والمرأة في المجتمع، لكن مع تغير الزمن وتطور المجتمعات، أصبح من الواضح أن هذه التصورات قديمة ولا تعكس الواقع.
النجاح في القيادة يتطلب مهارات خاصة، مثل القدرة على التواصل، التفكير الاستراتيجي، اتخاذ القرارات الصائبة، والمرونة في التعامل مع التحديات، هذه المهارات ليست حكرًا على جنس دون آخر، بل هي متاحة لأي شخص يمتلك الشغف لتطوير نفسه وتحقيق النجاح.
المرأة السعودية، مثلها مثل الرجل، تمتلك جميع المقومات التي تجعلها قادرة على تحقيق النجاح في أي منصب قيادي، والمجتمع السعودي اليوم يشهد نماذج رائعة من النساء اللواتي أثبتن جدارتهن في الإدارة والقيادة، في القطاعين الحكومي أو الخاص، هذه النجاحات تعزز فكرة أن القيادة الفعالة لا تعتمد على الجنس، بل على الكفاءة والقدرة على التكيف مع المتغيرات.
مع التحول العالمي نحو المساواة، أصبح من الضروري الاستفادة من التنوع في القيادة، فالتنوع في الخلفيات والمهارات والتجارب يثري بيئة العمل ويعزز من فرص النجاح.
عندما يتم تمكين الجميع من المساهمة في تحقيق الأهداف المؤسسية، بغض النظر عن الجنس، يتم خلق بيئة عمل مليئة بالابتكار والتعاون، فهذا ما تسعى إليه المملكة من خلال رؤية 2030، التي تركز على بناء مجتمع حديث يعتمد على الكفاءات ويوفر الفرص المتساوية للجميع.
القيادة الفعالة اليوم تتطلب الابتعاد عن التصنيفات السطحية والتركيز على المهارات الفعلية التي يمتلكها الأفراد، فالمملكة العربية السعودية تخطو خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، حيث أصبحت الكفاءة هي المعيار الرئيسي في اختيار القادة والمديرين، سواء كان المدير رجلاً أو امرأة، المهم هو ما يقدمه من قيمة للمؤسسة وكيف يستطيع تحقيق الأهداف المرجوة.
في نهاية المطاف، النجاح في القيادة لا يتعلق بجنس الشخص، بل يتعلق بالكفاءة والمهارة، في عالم يتطور بسرعة ويتطلب قدرات قيادية قوية، يجب أن يكون الاختيار للمناصب القيادية مبنيًا على الجدارة.
رؤية السعودية 2030 وضعت الأساس لتمكين الكفاءات من الجنسين لتحقيق النمو والازدهار، وبذلك تمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا يعتمد على المهارات والقدرات الفعلية بعيدًا عن التصنيفات التقليدية.