فيصل الحمد
خبير إستراتيجي وعسكري
يعتبر التحليل العسكري أحد المجالات التي تتطلب دقة؛ حيث يعتمد على فهم الأبعاد الاستراتيجية والجيوسياسية، وتحليل القوى العسكرية وفق معايير تأخذ بالاعتبار جوانب متعددة. في هذا السياق، نستعرض أهم الشروط والمعايير التي يعتمدها المحلل العسكري لضمان محتوى متميز مبني على أسس علمية ومنهجية.
فهم السياق الاستراتيجي والجيوسياسي
يشكل فهم السياق الجيوسياسي إطارًا رئيسيًا لفهم العمليات العسكرية. إذ يتضمن التحليل العسكري دراسة العلاقات الدولية، والمصالح الاستراتيجية، والتحالفات والمعاهدات بين الدول، بما يساعد المحلل في تقدير الأبعاد المختلفة للأحداث وتحليل تأثيراتها على المستويين الإقليمي والدولي.
الخبرة في التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية
يتطلب التحليل العسكري فهماً عميقاً للتكتيكات الحربية، سواءً التقليدية أو الحديثة كالحروب السيبرانية وحروب العصابات وحروب المدن. وتتيح هذه المعرفة للمحلل القدرة على التنبؤ بالتحركات المحتملة للأطراف المشاركة بالنزاع والاهداف التي يسعى كل طرف تحقيقه.
معرفة الأسلحة والأنظمة الدفاعية
يحتاج المحلل إلى إلمام كامل بأنواع الأسلحة المستخدمة ومواصفاتها وتأثيراتها في المعارك، إضافةً إلى المعرفة بأنظمة الدفاع والحماية مثل الدفاع الجوي والرادارات. هذا الفهم يسهم في تقدير موازين القوة بين الأطراف المتنازعة، والمدى العملياتي للتأثير.
جمع وتحليل المعلومات الميدانية
يتطلب التحليل العسكري جمع المعلومات من مصادر متعددة، تشمل التقارير والتصريحات الرسمية والشهادات الميدانية، وهذه المعلومات تتطلب مهارة في التقييم لضمان دقة البيانات وموثوقيتها.
تقييم القدرات اللوجستية
تشكل اللوجستيات (الأمداد والتموين) عنصراً أساسياً في نجاح العمليات العسكرية، لذا يجب أن يكون المحلل على دراية بسلاسل الإمداد والتحركات اللوجستية، إلى جانب تقييم دور الإمداد في تعزيز القدرات العسكرية للأطراف المتحاربة.
تحليل التحالفات والتفاعلات الدولية
يؤثر فهم وتحليل التفاعلات الدولية على تقييم القرارات العسكرية، إذ قد تُحدث العقوبات الاقتصادية أو الدعم السياسي والعسكري تغييراً كبيراً في موازين القوى، مما يضيف بُعداً مهماً للتحليل.
تقييم المعنويات والعوامل البشرية
يعتبر الجانب النفسي لأفراد القوات المسلحة عاملاً مهماً، حيث تُعد المعنويات العالية والاحترافية أساسية في حسم المعارك، كما أن لنوعية القادة وطبيعة تدريبهم عامل مهم للتأثير على العمليات. لذا، فإن أخذ هذه الجوانب بالاعتبار يعزز من شمولية التحليل.
التزام الحياد والموضوعية
يجب أن يكون التحليل واقعياً وبعيدًا عن التحيزات والعاطفة، لضمان تقديم صورة دقيقة وموضوعية، وهي ميزة أساسية لتحقيق المصداقية.
التحديث المستمر للمعلومات
بسبب سرعة تغير الأحداث العسكرية في مستوياتها الثلاث (التكتيكية والعملياتية والاستراتيجية)، يجب على المحلل متابعة المستجدات بشكل مستمر، لضمان تقديم تحليل مواكب للأحداث.
وخلال مقالاتي القادمة في هذه الصحيفة، سنتطرق لأهم الأحداث العسكرية والاستراتيجية في منطقتنا والعالم أجمع، وسنستعرض أبرز التحليلات في المجالين الاستراتيجي والعسكري. إضافةً إلى ذلك، سأحرص على تزويد القارئ الكريم بأحدث تطورات الرؤية المباركة لبلدنا العزيز، “رؤية 2030″، في مجالات التصنيع العسكري ونقل التقنية، والتي تعزز من مكانة المملكة العربية السعودية في المجال الدفاعي والعسكري، وتسهم في تحقيق طموحاتها نحو الاستقلالية التقنية وتعزيز أمنها الوطني.