أستاذ الإعلام السياسي الدكتور جارح بن فارس المرشدي – رئيس التحرير المكلف
تستضيف المملكة العربية السعودية في الرياض، غدًا الإثنين الموافق 11 نوفمبر 2024م، القمة العربية الإسلامية لبحث الحرب في لبنان وغزة، حيث دعت وزارة الخارجية السعودية، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء، إلى عقد هذه القمة لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وأراضي الجمهورية اللبنانية، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، لتواصل بذلك نهجها العقلاني الثابت في حل القضايا والنزاعات؛ دفاعًا عن القضايا العربية والإسلامية.
عمل سعودي دؤوب ودون هوادة كان هدفه الأول نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية، تفاعلًا مع الأزمة الفلسطينية وما تشهده منذ عام، وهو الأمر الذي تجلى باستضافة المملكة للقمة العربية الإسلامية المشتركة في 11 نوفمبر 2023م، والتي خلصت إلى عدة نتائج، أبرزها: إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الوحشية الهمجية التي ترتكبها قوات الاحتلال الاستعماري ضد الشعب الفلسطيني، ورفض وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه “دفاع عن النفس”، والمطالبة بوقف ذلك العدوان بشكل فوري، والتشديد على ضرورة كسر هذا الحصار الجائر، وإدخال الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع.
لقد خرجت هذه القمة بتشكيل لجنة وزارية تُمثل الأمتين العربية والإسلامية بقيادة المملكة العربية السعودية، وعضوية كل من: تركيا، ومصر، وفلسطين، والأردن، وإندونيسيا، ومشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية، فجابت العالم مناديةً بالحق الفلسطيني، مطالبةً بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، في رحلات مكوكية حققت معها دعم شعوب ودول العالم، فكان من أبرز نتائجها انتزاع مقعد كامل الصلاحية لفلسطين في الأمم المتحدة، بموافقة ودعم أكثر من 150 دولة من أصل 193.
كذلك، استغلت المملكة العربية السعودية وشقيقاتها دول الخليج، علاقاتها الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي أثناء انعقاد القمة الخليجية الأوروبية، بالدعوة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وخرجت بتوحيد الرأي الخليجي الأوروبي مطالبةً بحل الدولتين والاتجاه نحو خيار السلم.
إن المملكة لم تتخل يومًا عن فلسطين، وأيدتها بكل ما تستطيع، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، بشكل علني. وفي سبيل ذلك، ضحت المملكة بمصالح كثيرة وفوتت فرصًا كبيرة ومغرية. وكان ذلك ولا يزال من أجل فلسطين، التي يعد حل قضيتها خيارًا استراتيجيًا تراه المملكة ضرورة ملحة وقصوى لتنعم دول المنطقة بسلام شامل وآمن.
لقد اتخذت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومن سبق من الملوك، رحمهم الله، مسارًا واضحًا وصريحًا، يضع قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه فوق أي اعتبار آخر، كونها قضية عادلة، لم تحد المملكة عنها، وتعتبرها مبدأ راسخًا في سياستها، رغم كل الأزمات التي مر بها العالم؛ طبيعية وبشرية.
كانت فلسطين ولا تزال خيارًا استراتيجيًا للسلام الذي تراه السعودية، رغم ما مورس على المملكة من ضغوطات سياسية واقتصادية، ومساومة بالاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية. كانت ولا تزال فلسطين مبدأ سعوديًا للسلام، الذي تستحقه المنطقة، ولن يحدث إلى بحل شامل عادل دائم، يضمن للفلسطينيين دولة بحدود 1967م، كاملة الحرية، وعاصمتها القدس، وفقًا للقانون الدولي والقرارات الدولية ذات العلاقة: (338)، و(497)، و(1515)، و(2334).
هكذا كانت فلسطين في عين المملكة، وهكذا هو إيمان قادة السعودية أمس واليوم وغدًا، وهكذا يتواصل عمل ملوكها دفعًا في اتجاه سلام الحق، من المبادرة العربية للسلام عام 2002م وإلى القمة العربية الإسلامية 22 نوفمبر 2024.