وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض، اليوم الاثنين، في زيارة دولة تستغرق يومين، حيث يتصدر جدول أعماله ملف الطائرات المقاتلة والتحديات الجيوسياسية، وفقًا لتقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ حول هذه الزيارة الأولى منذ العام 2018، والتي تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصاعدًا في الصراعات الإقليمية، بينما تواجه فرنسا تحديات داخلية اقتصادية وسياسية كبيرة.
في السنوات الأخيرة، عززت المملكة دورها الفاعل على الساحة الدولية، حيث أدرك الغرب أهميتها الاقتصادية والسياسية في ظل التحديات العالمية، بما في ذلك النزاعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.
هنا، تشير “بلومبرغ”، إلى أن ماكرون يهدف بزيارته تلك إلى تعزيز العلاقات مع القيادة السعودية، التي تتمتع بعلاقات قوية مع الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب. كما يسعى للاستفادة من الإنفاق السعودي الضخم، عبر تعزيز دور فرنسا كشريك يساهم في مسعى المملكة لأن تصبح مركزًا عالميًا للابتكار والسياحة.
كذلك تصف “بلومبرغ” هذه الزيارة بأنها تأتي في إطار الدبلوماسية النشطة التي يتبناها ماكرون في الأسابيع الأخيرة، في وقت تشهد فيه حكومته حالة من الضعف الداخلي، وسط تزايد المخاوف من نزاع حول الميزانية في ظل العجز العام الكبير.
صفقات دفاعية مع المملكة
وفق التقرير، تسعى فرنسا لزيادة صادراتها من طائرات “رافال” إلى السعودية، حيث تروج لبيع نحو 50 طائرة من طراز “رافال” المصنوعة من قبل شركة داسو للطيران. وتأتي هذه الجهود بعد أن أبدت ألمانيا استعدادها لاستئناف تصدير طائرات “يوروفايتر تايفون”، مما يعني منافسة قوية، حيث تتطلع طائرات بوينغ “إف-15” الأمريكية أيضًا للحصول على اهتمام السعودية.
ومع ذلك، فإن التسليمات الألمانية قد تستغرق سنوات، مما يوفر لفرنسا فرصة للفوز بالعقد.
الأزمات الدولية
تحولت المملكة العربية السعودية إلى لاعب رئيسي في السياسة العالمية، حيث تسعى لتعزيز مكانتها من خلال الوساطة في النزاعات الإقليمية.
هذا النفوذ المتزايد، المدعوم بعلاقات قوية مع عائلة ترامب، يجعلها حليفًا مهمًا لماكرون، وفق “بلومبرغ”، التي تشير فيما يتعلق بالنزاع في غزة، إلى فشل الرئيس الفرنسي في تحقيق تقدم ملموس في محادثاته مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في وقت تعارض فيه الرياض بشدة الخسائر المدنية في النزاعات الأخيرة التي شهدتها غزة ولبنان.
ووفق ذلك، ترى “بلومبرغ” أن ماكرون سيسعى إلى دعم جهود الرياض في تحقيق اعتراف أكبر بالدولة الفلسطينية، وهو المسعى الذي تسلكه المملكة لإيجاد سبيل للتعاطف العالمي مع الفلسطينيين ونصرة قضيتهم، وهو ما يعتبر شرطًا رئيسيًا لمعاهدة دفاعية ملزمة مع واشنطن.
دور الرياض في إنهاء الحرب في أوكرانيا
كذلك، من المتوقع أن يضغط ماكرون على القيادة السعودية للاستفادة من علاقاتها مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، خاصة وأن الرياض وموسكو، باعتبارهما أعضاء رئيسيين في منظمة “أوبك”، تمتلكان تأثيرًا كبيرًا في أسواق النفط العالمية.
تمويل الشركات الناشئة
قد يسعى ماكرون كذلك للحصول على تمويل سعودي للشركات الفرنسية الناشئة التي تواجه صعوبة في جمع الأموال في أوروبا.
يعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي، المعروف باستثماراته في وادي السيليكون وكرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز، مصدرًا محتملاً لحقن السيولة في الشركات الفرنسية.
السياحة والثقافة
وتسعى المملكة لأن تصبح وجهة سياحية عالمية، مع هدف جذب 70 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030. ومن خلال خبرتها في المجال الثقافي مثل المتاحف والمهرجانات، تأمل فرنسا في تأمين دور كبير في هذه التحولات.
اتفاقية ثنائية بين باريس والرياض تم توقيعها في 2018 تتعلق بتطوير مدينة العلا السعودية، التي تعد مشروعًا سياحيًا رئيسيًا للمملكة.
يشمل هذا الاتفاق إنشاء صندوق سعودي لدعم التراث الثقافي الفرنسي. ومن المتوقع أن ينضم جان-إيف لودريان، المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان، الذي يترأس أيضًا وكالة فرنسية-سعودية مشتركة لدعم تطوير العلا، إلى ماكرون في هذه الزيارة.
الطموحات النووية
يعتقد البعض أن المملكة ستستثمر قريبًا في محطات الطاقة النووية في إطار سعيها لتقليل الاعتماد على النفط والوقود الأحفوري. هنا تبرز شركة “إيlectricité دو فرانس” المملوكة للدولة الفرنسية كأحد اللاعبين الرئيسيين في المملكة، وقد تكون مسؤولة عن بناء محطة كهرباء هيدروليكية في الصحراء لتزويد مدينة نيوم بالطاقة، وفق توقعات “بلومبرغ”.
كما تعد شركة “توتال إنيرجي” الفرنسية من الشركات الكبرى التي تلعب دورًا في السعودية، حيث سيشارك مديرها التنفيذي باتريك بوياني في اجتماع أعمال أثناء زيارة ماكرون.