عبود بن علي آل زاحم
في الآونة الأخيرة، شهدت بيئات العمل تغييرات ملحوظة، خاصة مع تزايد دخول الجيل الجديد من الموظفين إلى مختلف القطاعات العامة والخاصة. هذا الجيل أظهر تنوعًا كبيرًا في أساليبه وأدائه داخل بيئات العمل، حيث يتوزع بين فئة مبدعة وأخرى تميل إلى الظهور دون تقديم نتائج ملموسة. فبينما هناك من أثبت جدارته وحرفيته في إحداث تغييرات إيجابية، نجد أن هناك من يظل عالقًا في دوامة الانشغال الظاهري دون أن يحقق تقدمًا حقيقيًا.
الإيجابيات في بيئة العمل
الفئة الأولى من الموظفين تتمتع بقدرة استثنائية على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئات العمل. فهم قادرون على التفاعل مع التحديات بشكل سريع وفعّال، مما يجعلهم ركيزة أساسية في تطور المؤسسات. كما يتمتع هؤلاء الموظفون بمهارات ابتكارية تساهم في تقديم حلول جديدة وأفكار غير تقليدية، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على سير العمل ورفع مستوى الأداء في فرق العمل. إضافة إلى ذلك، نجد أن هذه الفئة تبدي اهتمامًا كبيرًا بالتواصل المستمر مع الزملاء والإدارة، مما يسهم في خلق بيئة عمل مفعمة بالنشاط والحركة.
العيوب التي قد تصاحب بيئة العمل
على الجانب الآخر، هناك فئة أخرى تثير بعض التساؤلات بشأن جدوى أدائهم في بيئة العمل. هؤلاء الموظفون يظهرون في حركة مستمرة، يتنقلون من مكتب لآخر، لكن في الواقع قد لا يحققون إنجازات حقيقية. ففي حين أن مشهدهم يوحي بالنشاط، إلا أن معظم الوقت يُهدر في مهام غير مؤثرة على أهداف المؤسسة الكبرى. هذه الفئة تتسم أحيانًا بالانشغال بالمظاهر: التقارير التي لا تنطوي على قيمة حقيقية، الاجتماعات التي لا تقدم حلولًا عملية، والانشغال المستمر بالهاتف المحمول أو مشاهدة مقاطع الفيديو خلال ساعات العمل. في كثير من الأحيان، يتوهمون أنهم يبدون مشغولين، في حين أنهم في الواقع بعيدون عن التحديات الفعلية التي تحتاج إلى حلول استراتيجية.
الحلول الممكنة لتطوير الأداء
من أجل مواجهة هذه التحديات، يتعين على المؤسسات اتخاذ بعض الخطوات لتعزيز فعالية الموظفين. أولًا، يجب تحسين مهارات إدارة الوقت لدى الموظفين، خاصة أولئك الذين يعانون من صعوبة في تحديد أولوياتهم. التركيز على المهام ذات القيمة العالية، والتقليل من الأنشطة غير المنتجة، يعد أمرًا أساسيًا لرفع مستوى الإنتاجية. كما يجب تحفيز الموظفين على التفكير العميق والتركيز على المشاريع التي لها تأثير مستدام بدلاً من الانشغال بالمظاهر السطحية.
ثانيًا، يعتبر التدريب المستمر أمرًا حيويًا لرفع مستوى أداء الموظفين. فتعزيز المهارات العملية والفنية يمكن أن يسهم في تحسين إنتاجيتهم، مما يعكس بشكل مباشر تحسينًا في النتائج النهائية التي يحققها الفريق أو المؤسسة ككل. وعلى الرغم من أن الموظفين قد يظهرون مهارات متعددة في التنقل بين الاجتماعات، فإن النجاح يتطلب منهم اكتساب المعرفة العميقة وتطبيقها في عملهم اليومي.
الخلاصة
إن النجاح في بيئات العمل المعاصرة لا يعتمد على الظهور المستمر أو الانشغال الظاهري بالأعمال، بل على الفعالية في تحقيق الأهداف التنظيمية. يجب على المؤسسات أن تضع خططًا واضحة لتحسين إدارة الوقت، وتعزيز التفكير الاستراتيجي، وتشجيع التعلّم المستمر. فالموظفون الذين يسعون جاهدين لتحقيق نتائج حقيقية، بغض النظر عن المظاهر، هم من سيصنعون الفرق الكبير في نجاح المؤسسة.