د. حذيفة بن هادي مدخلي
أكاديمي ومستشار
في مجال الأعمال التجارية، ومع تشبّع الأسواق بالمنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات المستهلكين، أصبحت قدرة الشركات على التكيف مع تغيرات سلوك المستهلك العامل الأساسي للبقاء والاستمرار.
ينطبق هذا الأمر أيضاً على الوجهات السياحية، حيث أصبح التحول إلى نهج Tourist Centric Approach (نهج يركز على اهتمامات السياح) ضرورة استراتيجية لضمان استمرار الوجهات السياحية وتعزيز قدرتها على المنافسة.
منذ عام 2008، ومع زيادة اهتمام السعوديين بالسياحة في الخارج، كان من الواضح أن الوجهات السياحية التقليدية لم تعد تواكب تطلعاتهم. يمكن أن نُعيد هذا التحول في سلوك السائح إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
أولاً، انكشاف السعوديين على خيارات جديدة للسفر يرون أنها أفضل من الخيارات المتوفرة محلياً.
ثانياً، انتشار التجارب الشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما رفع سقف التوقعات لدى السياح المحليين، فأصبح السفر للخارج جزءاً من البرستيج الاجتماعي الذي لا تلبيه السياحة الداخلية.
ثالثاً، سهولة الوصول إلى العديد من دول العالم بفضل ظهور مواقع الحجوزات الإلكترونية وتوفر خيارات سفر منخفضة التكلفة.
لذلك، لا بد للوجهات السياحية من التحول إلى نهج Tourist Centric Approach، والذي يتطلب تحديد شرائح السوق المستهدفة بناءً على اهتماماتهم، بدلاً من الاعتماد على التقسيم الديموغرافي التقليدي.
فالسياحة اليوم لم تعد تتعلق بالفئات العمرية أو الحالة الاجتماعية بقدر ما ترتبط بالاهتمامات المشتركة، مثل المهتمين بالتاريخ، والباحثين عن المغامرات، والراغبين في الاسترخاء، أو الباحثين عن تجارب الأكل، وغيرها من الاهتمامات.
تُعتبر العلا نموذجاً ناجحاً في تطبيق هذا النهج، حيث ركّزت على جذب المهتمين بالتراث والتاريخ. كذلك، مشاريع البحر الأحمر ونيوم تستهدف بشكل واضح السياح الباحثين عن التجارب الفاخرة أو المهتمين بالاستدامة البيئية والمغامرات.
على الجانب الآخر نجد أن وجهاتنا السياحية التقليدية تعاني من ضعف اقبال السياح عليها. وبرغم امتلاكها لمقومات طبيعية وتراثية غنية، إلا أن افتقارها لتحديد الشرائح المستهدفة بدقة يجعلها أقل تنافسية.
لتنجح الوجهات السياحية في جذب الزوار ومنافسة الوجهات السياحية المفضلة للسعوديين، يجب أن تبدأ أولاً بفهم أعمق لاهتمامات السياح ودوافعهم، من خلال إجراء أبحاث سوق دقيقة واستطلاعات شاملة، يمكن للجهات المعنية تطوير تجارب مصممة خصيصاً تلبي توقعات الفئات المستهدفة.